> محمد راجح:

​بعد مهلة أربعة أيام لإدخال المساعدات إلى غزة؛ جددت جماعة الحوثي عملياتها في البحر الأحمر باستهداف السفن الإسرائيلية، في إطار مساندتها للشعب الفلسطيني المحاصر والمنكوب في القطاع، حسب الجماعة اليمنية.

لا يتوقف الأمر هذه المرة عند هدف مساندة غزة التي جدد الاحتلال الإسرائيلي قصفها؛ حسب مراقبين لـ"العربي الجديد"، ولكن يأتي ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وما يترتب على ذلك من إجراءات قد تتركز في الضغط الاقتصادي على الجماعة التي تحكم صنعاء ومعظم محافظات شمال اليمن، إضافة إلى تلويح الولايات المتحدة بإجراءات قد تستهدف منع دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة الذي يتعرض لقصف أميركي وإسرائيلي بشكل كثيف.

وهو ما يفنّده الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، الذي يرى أن التلويح الأميركي بمنع دخول سفن الوقود إلى الحديدة محدد بمنع السفن التابعة لسلطة صنعاء "الحوثيين" أو التي يمتلكون فيها 5% فأكثر. ووفق حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن صنعاء تستورد النفط من الإمارات والسعودية وعبر شركات قطاع خاص لا علاقة لها بالصراع وبسعر البورصات، ويتم وفقاً لآلية استيراد شفافة بمعرفة السعودية والأمم المتحدة.
  • النفط وسيلة للضغط على اليمن
مع ذلك، حسب الحداد، فإن أي محاولات لاستخدام النفط كوسيلة للضغط على صنعاء بهدف التراجع عن حظر مرور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ستكون له تبعات خطيرة على إمدادات النفط الأميركي، وكذلك سيعيد التوتر بشكل غير مسبوق إلى البحر الأحمر، مشيراً إلى أن صنعاء لا تزال تمتلك أوراق ضغط خطيرة في هذا الجانب لم تستخدمها بعد.

في المقابل، هناك من يشير إلى أن قرار التصنيف الذي تبعه القصف الأميركي على اليمن، والإسرائيلي على قطاع غزة؛ شمل هذه المرة بدرجة رئيسية تصنيف القيادات السياسية للحوثيين المسؤولة عن التفاوض، وهو مؤشر إلى تداخل العاملين السياسي والاقتصادي في الضغط على الحوثيين، إلى جانب العامل العسكري.

كانت الأمم المتحدة قد أعربت، حسب مكتب المتحدث باسمها في 17 مارس الجاري، عن قلق المنظمة بشأن استمرار تهديدات الحوثيين باستئناف هجماتهم التي تستهدف سفن النقل والسفن التجارية في البحر الأحمر، وما ورد عن هجماتهم على سفن عسكرية في المنطقة، إضافة إلى القلق الأممي بشأن إطلاق الولايات المتحدة عدة ضربات على مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، خلال الأيام الأخيرة.

ووفقاً للحوثيين، أفادت التقارير بأن القصف الجوي أدى إلى مصرع 53 شخصاً وإصابة 101 بجراح في مدينة صنعاء ومحافظتي صعدة والبيضاء- بما في ذلك تقارير عن وقوع ضحايا من المدنيين- وتعطيل إمدادات الكهرباء في مواقع قريبة.

ويسود قلق واسع في اليمن، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، من الإقدام على أي خطوة قد تؤدي إلى تأجيج الأزمات المعيشية في الوقود والسلع الغذائية والكهرباء وغيرها من الخدمات العامة، بمزاعم الضغط الاقتصادي على الحوثيين، في حين تعاني جميع مناطق اليمن، بما فيها مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، سلسلة من الأزمات الاقتصادية مع استمرار سعر صرف العملة المحلية للانهيار، وما يلقيه ذلك من تبعات وخيمة على معيشة المواطنين وأسعار السلع الغذائية.
  • خطورة استهداف الموانئ
المختص في الشحن البحري، صلاح عبدالكريم، يلفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى خطورة استهداف الموانئ والخدمات العامة التي ترتبط باليمنيين بشكل مباشر لأن تبعاتها ستكون كارثية، إذ أن ميناء الحديدة يخدم الكتلة السكانية الأكبر في اليمن، وأي استهداف بأي طريقة سيضاعف أزمات اليمنيين المعيشية، كما ستكون له تداعيات معقدة على الاستيراد والشحن البحري التجاري إلى اليمن عبر ميناء الحديدة التي تخضع لإشراف دولي وأممي.

تزامن التصنيف والضغط الاقتصادي مع استئناف القصف الأميركي لليمن، عقب إعلان ترامب تنفيذ حملة قصف واسعة لاستهداف الحوثيين، حسب زعمه، حيث يستمر القصف المكثف منذ أيام ليشمل صنعاء والحديدة وصعدة وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الذين يؤكدون أن القصف يستهدف بدرجة رئيسية مناطق مدنية سكانية وسقوط عديد الضحايا جراء ذلك.

المحلل الاقتصادي عبدالله سفيان يؤكد أن موجة الاستهداف كأنها موحدة بتنسيق كامل إسرائيلي أميركي، لذا فإن عودة عمليات الحوثيين في البحر الأحمر تندرج تحت إطار نفس الهدف الذي كانت عليه قبل توقفها نتيجة اتفاق الهدنة الذي تنصّل الجانب الإسرائيلي من أهم بنوده المتمثل في دخول المساعدات لقطاع غزة.

ويوضح سفيان أن عودة عمليات صنعاء البحرية ضد السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي يأتي رداً على سياسة التجويع والتعطيش التي يمارسها الكيان الإسرائيلي ضد أهالي غزة، وتم اللجوء إلى هذا الخيار بعد فشل القمة العربية المنعقدة في القاهرة في الضغط على نتنياهو بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة لمئات الآلاف من الفلسطينيين، فالأسباب تعود إلى عدم امتثال الكيان الإسرائيلي لالتزاماته في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، لذلك الجماعة أمهلت الوسطاء أربعة أيام للضغط على إسرائيل لوقف سياسة تجويع غزة، في حين رفض الكيان الإسرائيلي المدعوم بلا حدود من إدارة ترامب كافة الدعوات وأصر على قتل الفلسطينيين جوعاً.

كما يرى سفيان أن أي إجراءات لخنق صنعاء بالمشتقات النفطية قد تكون له تداعيات على استقرار الأسواق العالمية وعلى أسعار النفط في الأسواق الدولية وستصل الآثار إلى أسواق أميركا، ويأمل أن يتم تفادي الوصول إلى هذا الخطوة المتوقعة في حال أمعنت إدارة ترامب في حصار الشعب اليمني، كما يحاصر الكيان الإسرائيلي غزة مع الفارق الشاسع، حيث يتعرض سكان القطاع لتجويع وحصار غير مسبوق في التاريخ الحديث.

وشددت الأمم المتحدة على ضرورة احترام القانون الدولي- بما فيه القانون الدولي الإنساني- من كل الأطراف في كل الأوقات. كما أكدت ضرورة الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2768 المتعلق بهجمات الحوثيين ضد سفن النقل والسفن التجارية.