> «الأيام» غرفة الأخبار:

تشهد المواجهة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي تطورًا غير مسبوق، مع تصعيد الغارات الجوية والبحرية الأمريكية منذ 15 مارس الجاري، مستهدفة مواقع عسكرية رئيسية في صنعاء وصعدة والحديدة وذمار والجوف والبيضاء، وتعتبر هذه العمليات الأعنف منذ بدء الحملة الأمريكية ضد الجماعة المدعومة من إيران في يناير الماضي، وسط تساؤلات حول مدى فعاليتها في تحقيق الردع المطلوب.

في حين تؤكد واشنطن أن عملياتها تهدف إلى ردع الحوثيين ومنع استهداف السفن الدولية في البحر الأحمر، تُظهر المؤشرات أن الجماعة لم تتراجع، بل صعّدت من هجماتها، إذ أعلنت عن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" أربع مرات باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ كروز، وأطلقت الجماعة في 18 مارس صاروخًا باليستيًا باتجاه إسرائيل، في خطوة تعكس تعقيد المشهد الإقليمي.

يرى فرناندو كارفاخال الخبير الأمريكي في الشؤون اليمنية أن الضربات الأمريكية تحمل بعدًا استراتيجيًا يتجاوز حماية الملاحة الدولية إلى الضغط على إيران، وقال لمركز "سوث24": "واشنطن تستخدم الحوثيين كأداة للضغط على طهران، التي تواجه تحديات كبرى بعد تراجع نفوذ وكلائها الآخرين، مثل حماس وحزب الله".

وأشار كارفاخال إلى أن "إدارة الرئيس ترامب تعتبر أن أي هجوم حوثي هو هجوم إيراني غير مباشر، مما يزيد من احتمالات تصعيد أكبر".

من جانبه، يرى المحلل السياسي اليمني عبد الستار الشميري أن الضربات الأمريكية تندرج ضمن استراتيجية أوسع تشمل إعادة ترتيب الأولويات الأمريكية في المنطقة.

وأضاف في حديثه لـ "سوث24": "الإدارة الأمريكية لا تركز فقط على الحوثيين، بل تسعى لتعزيز موقفها الاستراتيجي ضد الصين وروسيا، مع إبقاء الأزمات في اليمن وسوريا ضمن أولويات ثانوية".

مع تواصل الضربات الجوية، أعلنت جماعة الحوثيين عن مقتل عشرة من ضباطها في صنعاء، دون تحديد أماكن استهدافهم، وتؤكد تقارير أمريكية أن الغارات الأخيرة ألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية العسكرية للحوثيين، بما في ذلك قادة ميدانيون بارزون.

ورغم ذلك، لا يبدو أن الجماعة في وارد التراجع، إذ أعلنت استمرار عملياتها البحرية، مشترطة وقف الحرب في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، مقابل وقف هجماتها ضد إسرائيل والسفن الأمريكية في البحر الأحمر.

يقول كارفاخال إن الجماعة تمتلك تقنيات حديثة للطائرات المسيرة والصواريخ، لكنها لا تزال تواجه قيودًا كبيرة في استدامة إمداداتها العسكرية، وأضاف: "إيران تدرك مخاطر استفزاز الولايات المتحدة بشكل مباشر، وقد تلجأ إلى ضبط الحوثيين في مرحلة لاحقة لخفض التوتر".

يرى الخبير العسكري العميد ثابت حسين صالح أن الحملة الأمريكية يمكن أن تسير في مسارين: "إما استمرار الضربات لإضعاف الحوثيين عسكريًا، أو خضوع الجماعة للشروط الأمريكية والقبول بتهدئة مشروطة".

ويضيف: "في كلتا الحالتين، فإن الولايات المتحدة ستحقق أهدافها الاستراتيجية، سواء من خلال إضعاف الحوثيين أو دفعهم نحو تسوية سياسية".

بحسب عبد الستار الشميري، فإن الإدارة الأمريكية تعيد ترتيب استراتيجيتها الإقليمية، حيث تتداخل مواجهتها مع الحوثيين مع سياسات أوسع تشمل التعامل مع النزاعات الدولية الكبرى مثل الحرب في أوكرانيا والتوتر مع الصين، وأكد أن "ما يجري في اليمن ليس معزولًا عن المشهد الدولي الأوسع".

في ظل استمرار العمليات العسكرية والتشابك الإقليمي، يظل مستقبل التصعيد مفتوحًا على عدة احتمالات. وبينما تصر واشنطن على استراتيجيتها في كبح الحوثيين، تبقى الجماعة متمسكة بموقفها، في معادلة تحمل تداعيات واسعة على أمن البحر الأحمر والاستقرار الإقليمي.