> "الأيام" وكالات:

​في الوقت الذي تعاني فيه بورصات العالم حالة سقوط حر نتيجة إصلاح الجمارك الذي قام به ترامب، فإنه يستضيف رئيس الحكومة نتنياهو، في واشنطن. يبدو ترامب في هذه الأثناء كمن هو مصمم على تخريب الاقتصاد العالمي. اللقاء المليء بالاستخذاء مع نتنياهو، للمرة الثانية في غضون شهرين، ربما يفيد في تحسين صورة الرئيس في نظر نفسه التي بدأ فيها حتى ناخبوه يتشككون في حكمته.

ولكن في اللقاء أمس، يبدو أن على الأجندة قضايا أمنية، على رأسها إيران وقطاع غزة. مهم لنتنياهو أن يظهر وكأنه في حالة تنسيق متقدم مع ترامب قبل إمكانية مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. ترامب فاجأ أمس، عندما أعلن بأن الولايات المتحدة بدأت في مباحثات مباشرة مع إيران، التي تستمر السبت القادم، عقب رسالة أرسلها إلى النظام في طهران الشهر الماضي.

وبخصوص قطاع غزة، فثمة من يدفع أكثر لتحقيق التقدم، وهي الإدارة الأمريكية. ينشغل نتنياهو بالأساس في تبديد الوقت رغم اكتمال سنة ونصف على الحرب ضد حماس أمس، ومرت سنة بالضبط منذ وعد الجمهور “نحن على بعد خطوة من النصر في القطاع”.

في الخلفية تطورات كثيرة في تبادل الرسائل بين الولايات المتحدة وإسرائيل مع إيران. كثف الأمريكيون في إسرائيل منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ من نوع “تائد”، لتعزيز منظومة “حيتس” المحلية. تظهر وسائل الإعلام الأجنبية تقديرات بشأن استعداد إسرائيل لهجوم محتمل. الولايات المتحدة تبني قوة عسكرية بحجم ضخم في الشرق الأوسط والمحيط الهندي، التي تشمل أيضاً قاذفات ضخمة من نوع “بي 52”. في الوقت نفسه، تستمر هجمات الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن.

الموقف الأمريكي – الإسرائيلي المشترك ضد النووي سيساعد على زيادة الضغط على إيران ويتساوق مع الأحداث في اليمن. الجنرال احتياط، كانت ماكنزي، قائد القيادة الوسطى للجيش الأمريكي (سنتكوم سابقاً)، كتب أول أمس مقالاً في “نيويورك تايمز” بأن الهجوم الذي أعلنت عنه إدارة ترامب ضد الحوثيين يعكس تغيراً في المقاربة مقارنة بسياسة إدارة بايدن، الذي فضل تجاهل التهديد الذي يشكله اليمن على الملاحة البحرية. حسب قوله، فإن المس بالحوثيين يعد مساً بطيف نفوذ إيران، التي في الأصل تعرضت لضربة شديدة بعد الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقدر ماكنزي، أن الأحداث في اليمن تبدو عملية افتتاحية، التي تبدو -حسب رأيه- كسنة سيئة جداً لإيران. النظام الإيراني يحترم القوة، كما كتب. ولأن رؤساء النظام في إيران يدركون أن إمكانية حدوث هجوم إسرائيلي أو أمريكي للمنشآت النووية أعلى من أي وقت مضى، فربما يوافق على استئناف المحادثات النووية خشية على بقائه.

عملياً، ربما يريد ترامب استخدام إسرائيل بشكل يشبه استخدام الساحتين، في إيران وغزة. وهو في هذه الأثناء يطلق العنان لنتنياهو لهجوم عسكري محدود (في غزة)، أو إطلاق تهديدات بالهجوم (في إيران) على أمل استخدام الضغط الإسرائيلي لصالح الحلول التي يفضلها بشكل عام، وتحقيق اتفاقات مناسبة لمواقف الولايات المتحدة وتسوية الأمور بطرق سلمية. المبعوث الخاص للرئيس، ستيف ويتكوف، الذي شارك في لقاءات مع الضيوف الإسرائيليين، بث مؤخراً مرة أخرى تفاؤلاً ما لعائلات المخطوفين فيما يتعلق بما سيحدث لاحقاً.

مع ذلك، يتحدث ويتكوف عن صفقة من مرحلتين: وقف إطلاق نار لبضعة أسابيع، تترافق وإطلاق سراح عدد من المخطوفين، ثم تحقيق اتفاق دائم يتضمن إعادة المخطوفين الباقين والجثامين. وهذا يندمج في اقتراح وساطة مصر الجديد بإطلاق سراح ثمانية مخطوفين في المرحلة الأولى. ورغم الخطط الكبيرة التي رسمها رئيس الأركان، أيال زامير، لاحتلال القطاع، فإن الجيش الإسرائيلي لم ينقض على هذه المهمة كلياً، بل يأمل بأن يؤدي الضغط الحالي إلى صعود المفاوضات على المسار مرة أخرى. الوحيد المتحمس وبحق لاحتلال القطاع هو الوزير سموتريتش، الشخص الذي ينظر بانغلاق إلى صعوبات الاقتصاد واحتجاج رجال الاحتياط، والذي يجد حزبه -حسب جميع الاستطلاعات الأخيرة- صعوبة في اجتياز نسبة الحسم.

عاموس هرئيل - هآرتس