> «الأيام» غرفة الأخبار:

​بات آلاف المودعين في مواجهة مباشرة مع أزمة تهدد مدخراتهم، عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات على بنوك تجارية واقعة تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء، أبرزها "بنك اليمن الدولي" و"بنك اليمن والكويت"، وفقا لتقرير نشره أمس مركز سوث 24 للدرسات.

أدى فرض العقوبات إلى تجميد أصول هذه البنوك، وحرمانها من التعامل مع النظام المالي الدولي، مما ضاعف من معاناة العملاء، خصوصًا مع تذرع إدارات البنوك بشح السيولة، ورفضها صرف الودائع حتى قبل العقوبات. وتفاقم الوضع بالنسبة لـ"بنك اليمن الدولي"، الذي كان يلعب دورًا رئيسيًا في استقبال الدعم الدولي.

بدأت العقوبات في يناير 2025، حين صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية "بنك اليمن والكويت" بأنه يسهم في تمويل أنشطة الحوثيين، من خلال تسهيل بيع النفط الإيراني وإنشاء شركات واجهة. وتبعتها عقوبات مماثلة في أبريل استهدفت "بنك اليمن الدولي" وثلاثة من قياداته، بتهم دعم عمليات الحوثيين، ومخالفة تعليمات البنك المركزي في عدن.

في المقابل، نفت البنوك اليمنية المتهمة هذه الادعاءات، واعتبرتها إجراءات سياسية، مؤكدة التزامها بالقوانين المالية ومكافحة غسل الأموال.

تُعمق الأزمة الانقسام القائم بين البنكين المركزيين في عدن وصنعاء، حيث ترفض البنوك الخاضعة لسيطرة الحوثيين الاستجابة لقرارات البنك المعترف به دوليًا في عدن. وقد دعا المركزي في عدن هذه البنوك إلى نقل مقراتها إلى مناطق الحكومة لتفادي العقوبات، وأعلن لاحقًا أن غالبية البنوك في صنعاء أبدت نيتها الامتثال، دون تأكيد رسمي على بدء تنفيذ النقل.

المخاوف تتزايد بين المواطنين العاجزين عن سحب مدخراتهم، كما حدث مع مركز أبحاث لم يتمكن من استرداد 4000 دولار من "بنك اليمن الدولي" منذ مايو 2024. وقد وصف الخبير الاقتصادي مصطفى نصر البنك بأنه "شبه مفلس"، داعيًا إلى الحجز على أصوله لتعويض المودعين.

وأكد نصر أن البنك المركزي – وبالأخص فرعه في صنعاء – يتحمل المسؤولية المباشرة عن ضمان حقوق المودعين، نظرًا لاحتفاظه بأرصدة البنوك كاحتياطي نقدي.
تعقيدات الانتقال وضغوط العقوبات

يرى محللون أن رغبة البنوك في نقل مراكزها إلى عدن تعكس محاولتها تجنب العقوبات الأميركية، خاصة بعد اتضاح أن البقاء في صنعاء يعرضها للمزيد من الضغوط. غير أن عملية النقل تعترضها عراقيل، أبرزها تهديدات الحوثيين، وخسارة حصة كبيرة من السوق المصرفية الواقعة في الشمال.

ويحذر الخبراء من أن استمرار وجود البنوك في صنعاء قد يجعلها أهدافًا مستقبلية للعقوبات، لا سيما إن تورطت في تمويل أنشطة الحوثيين.

تشير التقديرات إلى أن العقوبات الأمريكية قد تفرض عزلة دولية مالية على البنوك المعنية، وتؤثر سلبًا على استيراد السلع، وتفاقم أزمة السيولة في مناطق سيطرة الحوثيين. كما تضعف ثقة المودعين بالنظام المصرفي، مما قد يفتح الباب أمام موجات سحب جماعية وتوسّع الاقتصاد الموازي.

في غياب إجراءات جادة تحمي أموال المواطنين وتعزز استقلال القطاع المصرفي، فإن الأزمة مرشحة للتفاقم، خاصة في ظل غياب جهة موحدة تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام المودعين، وتشتت السلطة بين صنعاء وعدن.