> محمد راجح:

​رغم المدة القصيرة لموسم اصطياد الشروخ (شبيهة بالقريدس) في أرخبيل سقطرى أقصى شرقي اليمن، لكنها تكشف عن وضعية صعبة ومزرية يعانيها أهم مورد اقتصادي في الأرخبيل اليمني الغني بالموارد السمكية التجارية المتنوعة والنادرة، لكن بعضها أصبح خارج السيطرة ومهدداً بالانقراض، إذ تتميز سقطرى بأسماك الشروخ الصخري الذي يُعد من الروافد الاقتصادية المهمة، بالنظر إلى ما يمكن أن يحققه من عائدات بالنقد الأجنبي في حال تم استغلاله محلياً بالشكل الأمثل، إلى جانب كونه مصدر دخل رئيسياً لآلاف الأسر العاملة في قطاع الصيد بمحافظة أرخبيل سقطرى اليمنية.

وبحسب مختصين في الاصطياد السمكي بسقطرى، تحدثوا لـ"العربي الجديد"؛ تُراوح فترة اصطياد الشروخ بين ثلاث وسبعة أيام من شهر إبريل حدّاً أقصى، في حين تحدد اللوائح المنظمة للصيد في اليمن فترة ستة أيام لاصطياد مثل هذا المنتج السمكي ذائع الصيت والذي يتم تصدير معظم كميات الصيد منه إلى الخارج.

لكن وفق إفادات صيادين ومعنيين ومختصين في القطاع السمكي بسقطرى، هناك عبث واسع في هذا المورد السمكي يكشفه موسم اصطياد الشروخ، حيث تقوم شركات أجنبية، وآخرها محلية متعاونة معها بمخالفة لوائح الصيد واستنزاف وتدمير أهم هذه المنتجات كالشروخ.

وفي هذا الصدد، يقول مازن عبود، عضو جمعية سمكية، لـ"العربي الجديد"، إن ذلك يتم من خلال استباق فترة اصطياده بوقت مبكر في مارس، أو بالاستمرار لوقت طويل يتجاوز شهر إبريلن.

ويسبّب ذلك استنزاف هذا المنتج البحري في الشريط الساحلي الشرقي لمحافظة أرخبيل سقطرى اليمنية ويؤدي إلى تدمير لمواقع وأماكن اصطياده. وهو ما يلاحظ في تراجع كبير في المخزون السمكي منه كما تكشفها الأرقام التي يرصدها "العربي الجديد"، حيث بلغ إنتاج اليوم الأول من موسم اصطياد الشروخ، نحو 12 طناً، في حين كانت تزيد عن 20 طناً خلال الأعوام القليلة الماضية، تزيد بمعدل من ثلاثة إلى 4 أطنان بشكل يومي خلال الأيام المحددة لاصطياده.

وقد تعرضت مناطق اصطياد الشروخ في سقطرى تحديداً وغيرها من محافظات اليمن الشرقية للعبث والاستنزاف الجائر بطرق أدت إلى انهيار المخزون من هذا النوع التجاري الذي تُعد اليمن من الدول القلائل المنتجة له، يأتي ذلك بالرغم من الإجراءات التنظيمية التي تعلنها الجهات الحكومية المختصة مثل منع عملية الاصطياد كما حدث ذلك أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين أن هناك من يتهمها بالتستر على عمليات الاصطياد الجائر الذي يقضي على إناث الشروخ.

ويوضح الصياد حمدي ناصر، لـ"العربي الجديد"، أن الكمية المستخرجة حالياً صحيح أنها أقل مما كان يتم اصطياده سابقاً، لكن ذلك كان وفق تعليمات الجهات الحكومية المختصة بحسب الصياد علي بن غانم، والتي كانت تشرف على عملية الاصطياد ويتم إلزام الصيادين بالكمية المحددة لاصطيادها قبل ذلك.

والأهم في ذلك كما يرصد "العربي الجديد"، يتمثل في سيطرة وتحكم شركة "بروم" للأسماك الإماراتية في القطاع السمكي بالأرخبيل اليمني، والتحكم وإدارة عملية الإنتاج والتسويق لكل الأصناف والأنواع خصوصاً النادرة والتجارية والنوعية منها كالشروخ.

ويشكو كثير من الصيادين في سقطرى من التضيق المستمر لأماكن الاصطياد ومواقعه، وفرض القوانين واللوائح عليهم وتجاهل العبث الذي يطاول عملية الاصطياد من قبل شركات أجنبية تشرف عليها إحدى دول التحالف النافذة في الجزيرة.

ويلاحظ تأثير الصراع الذي تعانيه سقطرى على تنفيذ عديد من المشاريع التنموية التي تعاني أزمة تمويل تهدد بتعثرها، في حين تسير عملية تنفيذ بعض المشاريع الممولة خارجياً ببطء شديد، منها مشروع تقييم المخزون السمكي الممول من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).

وفي الوقت الذي يشكو فيه صيادو سقطرى من مخاطر عديدة، تقف الجهات المختصة عاجزة عن توفير تمويلات لإنشاء غرفة خاصة بالإنذار المبكر، لحماية الصيادين ومعداتهم والبنية التحتية للقطاع السمكي والحفاظ على الثروة السمكية ومخزون الصيد وفقاً للوائح الاصطياد المعمول بها في اليمن.

في هذا الإطار، يؤكد المختص في مجال الاستثمار السمكي مبارك الكودي، لـ"العربي الجديد"، أن أرخبيل سقطرى غني بالموارد السمكية التي تحتاج إلى الاستغلال بشكل أمثل من قبل شركات استثمارية، ورأس مال محلي سقطري، لكن الوضع القائم مؤسف كما يصفه الكودي، حيث الأبواب مغلقة أمام أي نوع من الاستثمارات ذات الجدوى المحلية الذي يحافظ على هذه الثروة التي تتعرض للعبث والتجريف، وكذا أمام الجهات الداعمة والمنظمات المانحة.

وتعاني كثير من المشاريع السمكية في سقطرى شح التمويل الذي يسمح لها بالبقاء والعمل في مجال الاستثمار السمكي، إذ كانت أزمة التمويل بحسب مصادر مطلعة، في طليعة المشكلات التي عرضها رؤساء الجمعيات السمكية في سقطرى خلال اجتماعهم مع وزير الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لدى زيارته الجزيرة منذ أيام، حيث طالبوا بضرورة توفير مصادر تمويل للمشاريع السمكية في سقطرى.

كما برزت عديد القضايا التي تُعد موضع جدل واسع على مستوى جزيرة سقطرى، وتم وضعها ضمن الملفات المهمة في مثل هذه الاجتماعات النادرة، منها ما يتعلق بتوسع عدد من الظواهر السلبية التي تبدد موارد هذا القطاع الاقتصادي الحيوي في سقطرى، كالعبث والاصطياد غير المشروع، ومخالفة اللوائح والأنظمة والقرارات التي تحدد مواسم الاصطياد وذلك للحفاظ على المخزون السمكي.

المحلل الاقتصادي نجيب محمد، يرى في حديثة لـ"العربي الجديد"، أن الكمية المستخرجة من الشروخ تعتبر مؤشراً يعكس الأهمية الاقتصادية لهذا المورد البحري الحيوي الذي يحتاج إلى تنظيم عملية اصطياده والحد من الصيد الجائر الذي يعبث بهذه الثروة السمكية ويؤدي إلى هدرها وتسريع نضوبها بين عام وآخر.

وتؤكد وزارة الزراعة والري والثروة السمكية أنها تقدم كل التسهيلات للمستثمرين لإقامة المشاريع التي تعود بالنفع على الصيادين والعاملين في هذا المجال، إذ يتطلب الأمر مضاعفة الجهود لتعزيز الإنتاج السمكي وتشجيع الصيادين على زيادة الإنتاج، مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك على مدار العام في المحافظة.
عن "العربي الجديد"