مهلا يا من بشرتم بموت الصحافة الورقية وهللتم لشبكة عنكبوتية غثها فاق سمينها ،فالأيام في زمن الاستيلاب الإعلامي انتفضت في محراب صاحبة الجلالة لتسترد للصحافة الورقية كرامتها وبريقها.

مهلا يا من انبهرتم بإسهال الصحف الإلكترونية الصفراء وتعاطيتم معها على أنها موضة القرن،فالأيام وحدها تنبض بنبض المواطن المطحون وتتنفس من مسامات البسطاء،هي صرخة شعب خرجت من قمقم الواقع كالمارد الغاضب لتفجرها مدوية في وجه سلطان جائر:لا مساومة مع أزمات البسطاء.

مهلا يا بمن بشرتم بعصر الصحف السيارة والفضائيات الطيارة،أحرجتكم الأيام كشفت زيفكم بغلاف أسود الطيلسان كأنه الليل البهيم لتلقن طحالب السوشيال ميديا درسا في فنون الصحافة الجادة ذات النزعة الوطنية..

لم يكن غلاف صحيفة الأيام صبيحة الإثنين 27 أبريل حدادا على مدينة السلام والوئام والاعتدال فحسب،لكنه غلاف يحكي قصة وطن اغتصبه وطاويط الليل و خفافيش الظلام.

غلاف الأيام الحالك السواد هو غلاف واقع مدينة تعيش على فوهة الاحتضار، كان في الأصل ناقوس خطر أحمر يرن في ذهن حكومة (مهلبية) لا تسمع لها حسا ولا خبرا.

"الأيام" توشحت بالسواد ومن قلب الليل الكئيب خرجت بمانشيت كأنه شعبي كأنه المس الكهربائي، اختصر القضية برمتها واضعا الحكومة أمام خيارين هما الداء والدواء: إما الاستقالة أو ثورة جياع في عدن لا تبقي ولا تذر.

"الأيام" بهذا الغلاف الذي يدمي القلوب والعيون معا بشرت بفتح قريب، إما إصلاحات فورية للكهرباء تعين الناس على تحمل مشقة صيف يكوي البدن، أو ثورة شعبية عارمة تقتلع الطاغي قبل الباغي.

عدن جوهرة عالمية ثمينة لا تقدر بثمن، لكنها للأسف في زمن الفحامين تحولت إلى سرداب مظلم تعشعش فيه الوطاويط والدبابير، وهو أمر جلل دفع الفنان البدوي ياسر العوذلي إلى اجترار أمنية مستحيلة على لسانه، خرجت من فرن حنجرته مغناة باذخة الألم والأمل: ليت المعلا وسط لندن، وساحل أبين بليفربول.