> "الأيام" وكالات:

​بلا أي إحساس بالاحتفال ومع قليل أمل بدأنا سنة استقلالنا الـ 78. صحيح أننا نجحنا في إطالة عمرنا أكثر من مملكة الحشمونائيم، السيادة اليهودية الأخيرة في بلاد إسرائيل، لكن إحساسنا أننا دخلنا إلى أيام الصمت.

رئيس الوزراء الفعلي، سموتريتش، يقودنا إلى تحقيق رؤية الحرب الدائمة، ونجح في إنزال سيد “مستوى آخر” إلى تحت الخط الأحمر. رئيس الوزراء نتنياهو الذي يشحب وجهه من يوم إلى يوم كهوامش الطريق إلى القدس في الأسبوع الماضي، يتلقى ضربة إثر ضربة من واشنطن، وحتى دور التزيين الأكثر كفاءة لا تنجح في تغطية العلائم.

معزول أكثر من أي وقت مضى ولا ينجح حتى في إيجاد مسار طيران لإجازة مزعومة في أذربيجان، يبدو أن نتنياهو اعتبر خاسراً من قبل الرئيس الأمريكي والمحب للناجحين. ترامب ينتهج سياسة أمريكية مستقلة في الشرق الأوسط وليس لإسرائيل مكان على طاولة أصحاب القرار، بل ولا تطلع على ما يحدث. يتلقى نتنياهو معلوماته حول السياسة الأمريكية عن طريق التلفزيون.

لقد هجرنا ترامب حيال الحوثيين، ويدير مفاوضات مستقلة حيال إيران في الطريق إلى اتفاق نووي ليس لنا أي فكرة ماذا يتضمن أو إذا كان جيداً لنا، وقريباً سيعلن عن صفقة سلاح مع السعودية، لا نعرف تفاصيلها. وفي موضوع غزة أيضاً، هو الذي سيقرر إذا كنا نسير إلى صفقة أم الحرب.

لكن إذا كان أحد سينقذنا من الغرق في حرب لا نهاية لها وعديمة الجدوى في غزة، فهو الرئيس الأمريكي. صحيح أنه ضحل، وبلا رؤية استراتيجية وخطوط سياسته نجملها بكلمات: “أقول شيئاً ونرى ما يحصل”.

لا شيء جيداً منه. كل الوعود، المقدمات والتهديدات، ظهرت ككلمات فارغة: لا “بوابات الجحيم” في غزة، ولا الريفييرا أيضاً، ولا اتفاق بين أوكرانيا وروسيا، ولا هجوم في إيران على كل نار من اليمن، وحتى درة تاجه –سياسة الجمارك– جمدها. هذا يجلبه الأسبوع القادم إلى الشرق الأوسط ليكون كمن هو عطش لإنجاز مدوٍ. حتى رجل تسويق كفؤ مثله، يعرف أنه من الصعب جداً عرض صفقة سلاح في الخليج كإنجاز أسطوري لسياسته الخارجية. هو يريد أكثر، وحماسة في تحقيق إنجاز بأي ثمن خصوصاً مع متداخلة مع انعدام الاهتمام بالتفاصيل، تنطوي على خطر على إسرائيل.

تصويت رجال الاحتياط

نضجت الظروف حيال إيران لاتفاق نووي محسن أكثر من سابقه. فمكانة إيران الإقليمية انهارت مع انهيار المحور الشيعي، واقتصادها محطم، وسلسلة التفجيرات التي تقع فيها تزيد الإحساس بانعدام الاستقرار. لقد استعد الإيرانيون لرئيس متصلب، لكنهم اليوم يشخصون بأن ترامب يهتم بالإعلان أكثر وبالجوهر أقل.

يدير المفاوضات مبعوثه ويتكوف مع وزير الخارجية الإيراني، وربما هذه تهتم بعموم الأمور وليس بتفصيلها. غير أن طبيعة الاتفاق ستكون مغروسة بالتفاصيل في كل غرام وغرام من المادة المشعة، وفي كل جهاز طرد مركزي وبالسرعة التي يدور فيها. وبدلاً من أن يضاف إلى المفاوضات علماً من الطرفين، يترك الأمريكيون التفاصيل لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجسم الذي سبق وأثبت عجزه في إنفاذ اتفاقات الرقابة.

نتنياهو، الذي لا يتكبد حتى الأمريكيون عناء اطلاعه على تفاصيل المفاوضات، يمكنه فقط أن يصلي لأمل انهيار المفاوضات ويتمكن من تنفيذ أمنية حياته ويأمر بهجوم عسكري على منشآت النووي الإيرانية. هذه الإمكانية تحوم في الهواء، بكل معنى الكلمة، وكلنا نسمع كل يوم وتيرة تدريبات متسارعة لسلاح الجو. غير أن هجوماً عسكرياً دون إسناد بغلاف سياسي يضمن بعده نظام رقابة، لن يأخذ من إيران المعرفة النووية التي جمعتها حتى الآن، وبالتأكيد لن يخصي التطلعات الإيرانية لقدرات نووية.

بالمقابل، يعرف نتنياهو بأنه قد يجد نفسه أمام حقيقة ناجزة لاتفاق نووي سيئ مثل سابقه أو حتى أسوأ منه. في مثل هذه الحالة، سيكون صعباً عليه أن يخرج علناً ضد ترامب، الرئيس الذي لا كوابح له، بل إنه حتى يتمتع بإهانة زعماء لا يروقون له. في سنة المتقدمة، سيكون مطلوباً لنتنياهو كل كفاءات التباكي المتبقية ليشرح سبب عدم قتاله ضد الاتفاق.

لكن حتى قبل الاتفاق، سيقف نتنياهو الأسبوع القادم أمام تصويت ثقة حرج من المجتمع الإسرائيلي. معدل رجال الاحتياط الذين سيمتثلون الأسبوع القادم لحرب غزة الثانية سيعكس أكثر من أي استطلاع مدى ثقة المجتمع الإسرائيلي بحكومة أنتجت له موسماً جديداً من الحرب. ويعرف الجيش أيضاً بأن هذا ليس استطلاعاً – معدل الممتثلين سيعكس النتائج الحقيقية لخيار الجمهور الإسرائيلي.

وعليه، فإن الجيش يتقدم بخطوات مقنونة ومترددة نحو توسيع القتال. كما أن الخطط التي أقرت تعكس تقدماً بطيئاً ومحسوباً إلى داخل القطاع في محاولة لتقليص عدد المصابين بين الجنود. موعد بدء العملية تأجل إلى ما بعد زيارة ترامب، على أمل مفاجأة من الرئيس الأمريكي.

ألون بن دافيد
معاريف 9/5/2025