شهدت مدينة عدن يوم 10 مايو 2025 تجمعا نسويا في ساحة العروض، كان يوما غير عادٍ، خرجن فيه النساء يحملن معاناتهن، ويطالبن بأبسط حقوق المواطنة بعد تدهور الوضع المعيشي بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وتدهور الوضع الصحي، والتعليمي، إضافة إلى انقطاع المياه والتيار الكهربائي الذي يمتد إلى ساعات طويلة في اليوم مما يعرقل ويشل كل الأنشطة الضرورية للبيت، وأظهرن هؤلاء النسوة شجاعة بالغة، وكن على قدر عظيم من المسؤولية وكان الشعار الذي لوحن به هو المروحة الشعبية المحلية والفانوس إشارة إلى الحاجة الملحة إلى الكهرباء في هذا العصر الذي أصبحت فيه الكهرباء من ضروريات الحياة ولا ترمز إلى الرفاهية والترف، وقد كان لعدن نصيبا من هذه الرفاهية مبكرا تحديدا منذ العام 1926 وقبل كل دول المنطقة، ولم تعان أو تشكو حالها من شح المياه أو انقطاع الكهرباء كما هو حالها اليوم.

وفي هذا المقام لا بد من الإشارة إلى أن تاريخ عدن شهد حركة نسوية ساهمت في التحرير من الاحتلال الإنجليزي عام 1967، فهذا التحرك إنما هو امتداد للروح الصلبة والمتطلعة إلى حياة أفضل، وشهد العالم حركات نسوية في كثير من البلدان قادت إلى تغيير حقيقي ونيل المطالب، وربما أشهر هذه الحركات ثورة النساء الفرنسيات عندما نقص تموين الخبز في العاصمة باريس زحفن إلى قصر الملك لويس السادس عشر احتجاجاً على الوضع، وقالت زوجته ماري أنطوانيت قولتها المشهورة (إذا انعدم الخبز فليأكلوا البسكويت) وعلى سذاجة هذه المقولة إلا أنها ترمز في عمق محتواها إلى الاستخفاف باحتياجات الناس الأساسية، وقد أدت حركة هؤلاء النساء إلى دعم الثورة وإنجاحها.

ولطالما كان الخبز المحرك الأول والدافع للتغيير، ففي هذا العصر سيكون انعدام الكهرباء المحرك الرئيسي والدافع للتغيير أيضا، فعندما تخرج النساء من بيوتهن لمعركة تعود الرجل أن يخوضها؛ فهذا يعني أن الأمر بلغ مداه ووصل إلى منزلق خطير، ولا بد من معالجته عاجلا وليس آجلا، معالجة مستدامة وليس ترقيعا وقتيا، ولا بد من الحكمة والعدل حتى تستقيم الأمور.