> عبدالرقيب اليعيسي:
في منطقة مريس التابعة لمديرية قعطبة بمحافظة الضالع، الخاضعة لحكومة مجلس القيادة الرئاسي، تتفاقم أزمة المياه والجفاف بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة؛ نتيجة الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية، واستمرار الحفر العشوائي للآبار دون أي رقابة.
وتشهد المنطقة انتشارًا واسعًا للحفّارات الارتوازية، التي تنتقل من موقع إلى آخر، وتنفذ عمليات حفر دون تصاريح رسمية أو دراسات علمية. وغالبًا ما تعمل تحت حماية مسلحة، في ظل غياب تام لدور الجهات المعنية، وتهاون واضح في تطبيق القوانين المُنظمة.
وأدى هذا الوضع إلى نضوب عشرات الآبار الجوفية، وتعرض مساحات واسعة من الأراضي الزراعية للجفاف. حيث توقفت مزارع كانت منتجة سابقًا؛ بسبب انعدام المياه. هذا الأمر أثار قلقًا متزايدًا لدى السكان المحليين ممن يعتمدون على استخدام المياه الجوفية لري محصول القات، الذي يعد مصدر دخل رئيسي للآلاف من الأسر.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، في أبريل 2024، تصنف اليمن من أفقر دول العالم في الموارد المائية. حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 83 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنة بالحد الأدنى 500 متر مكعب. وتشير المنظمة إلى أن القطاع الزراعي يستهلك نحو 90 % من إجمالي استخدام المياه في البلاد. يذهب معظمها لزراعة القات.

ويضيف: "الكثير من الأهالي أصبحوا يشكون من الجفاف وتأخر موسم الأمطار؛ ما ألحق أضرارًا كبيرة للمزارعين".
وخلال الرصد الذي قام به معد التقرير لقرية القحيلة التي يسكنها مزاحم، لاحظ أن القحيلة وقريتي رُصابة والمخباة المجاورتين تضم 133 بئرًا جوفية. منها أكثر من 100 بئر جافة بالكامل، بينما القليل من هذه الآبار لا تزال تعمل. لكنها تنتج كميات محدودة من المياه لا تكفي لتغطية 5 % من احتياج المزارعين.
ينص قانون المياه رقم 33 لسنة 2002، في المادة (35) على منع أي فرد أو جماعة أو جهة حكومية أو أهلية من حفر أي بئر أو تعميقها إلا بترخيص مسبق من الجهات الرسمية المسؤولة، ممثلة في الهيئة العامة للموارد المائية.
يتحدث عدنان المريسي، أحد شباب المنطقة، لـ”المشاهد"، ويقول: إنهم اعتادوا على الحفر العشوائي. حيث يتم ذلك وفق اتفاقيات بين الأهالي، تضمن لكل فرد حق الحفر في أرضه. مشيرًا إلى أن المزارعين لجأوا إلى هذه الاتفاقيات للحد من الصراع الذي ينشب عند محاولة منع الحفر. إذ يصل الأمر إلى تبادل إطلاق النار وسقوط أصابات وإحراق معدات زراعية. وبحسب (الفاو) فإن 70 -80 % من الصراعات في اليمن مرتبطة بالمياه.
ويضيف المريسي: "الكارثة تبدأ حين يتفق الأهالي على إدخال الحفّار إلى موقع معين، حيث لا يسمح بدخوله إلا بناءً على اتفاق جماعي يقضي بالحفر للجميع". موضحًا أن "أي بئر يتم حفرها، يجب أن تُحفر بجانبها تسع أو عشر آبار أخرى، ولو اضطروا لإدخال أكثر من حفّار".

لافتًا إلى أنه لو وُجدت سلطة صادقة تضبط هذا الفوضى، لما سُمح بالحفر العشوائي، ولتمّت مواجهة المخالفين بحزم منذ البداية، عبر توزيع عادل للمياه بين المزارعين، ودون إيصال أهالي مريس إلى هذا المستوى من الجفاف والضرر الكبير.
تنص المادة 70 من تعديلات قانون المياه رقم (41) لعام 2006، على عقوبة حبس لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة مالية لا تزيد على مائتي ألف ريال، مع إيقاف العمل في موضع المخالفة وإلزام المُعاقب بإصلاح الأضرار وإعادة الوضع إلى ما كان عليه. وتضاعف العقوبة مع تكرار المخالفة أو استمرارها لكل مقاول أقدم على حفر بئر للمياه أو إقامة منشأة مائية لاحتجاز مياه السيول أو تحويلها عن مجاريها الطبيعية، دون أن يكون مرخصًا له بمزاولة ذلك النشاط.
ويختم المريسي حديثه بالإشارة إلى إن السلطة في مريس دأبت -كما في كل مرة- على توقيف الحفارات لشهر أو أكثر، ثم تترك العبث يتواصل.
ويحذر الباحث في المجال الزراعي وأحوال الطقس، يحيى المريسي، من تسارع وتيرة استنزاف المياه الجوفية. مشيرًا إلى أن عددًا من الآبار التي تم حفرها هذا العام لم تصمد لأكثر من ثلاثة أشهر قبل أن تبدأ في الجفاف.
ويقول: "شعرتُ بالخطر الحقيقي عندما جفتْ الآبار قبل أن تغطي حتى تكاليف المعدات، ففي قريتنا وحدها حُفرت أكثر من عشرين بئرٍ جوفية هذا العام، ورغم ذلك لم يتغير شيء". مشيرًا إلى أن ازدياد عدد الآبار لم يؤدِّ إلى وفرة المياه، بل زادت شحة المياه، في إشارة واضحة إلى العواقب البيئية لاستمرار الحفر العشوائي دون تخطيط أو حلول مستدامة.
ويضيف بمرارة: واقع مريس معقّد كثير فـ”المواطن هناك أصبح بمثابة دولة، يمتلك السلاح والأطقم والأفراد، ولا يعترف بأحد. فالبعض يمتلك خمسة أو ستة آبار، ومع ذلك لا يكتفي ويريد أن يحفر المزيد كل عام، دون أي التزام بالأنظمة".
ولفت إلى أن السلطة المحلية في المديرية أصدرت تعميمًا بوقف الحفر، وتم تعزيزه بتعميم آخر من المحافظة، فاستجابت بعض الجهات الأمنية، وقامت بتوقيف عدد من الحفارات، وإلزام أصحابها بعدم الحفر إلا بتصريح رسمي، وسحب معداتهم إلى مركز المديرية. إلا أن هذا التحرك لم يمر بهدوء، فبحسب الهدالي: "واجهنا هجومًا شديدًا من مشايخ وقادة نافذين في مريس، الذين اعتبروا تحركاتنا تخويفًا لملاك الحفارات، وقدموا شكاوى ضدنا في المحافظة ونزلوا حتى إلى عدن، واتهمونا بأننا نريد حرمان مريس من المياه".
ويزيد: "كنا على وشك أن نُحبس لولا أننا فررنا، بعد أن واجهنا تهديدات مباشرة من بعض المواطنين المسلحين الذين رفضوا الحصر بشكل قاطع".
وختم الهدالي حديثه بالإشارة إلى أن الإمكانيات في مكتب الزراعة شبه منعدمة، وأن كثيرًا من تحركات المكتب تتم بجهدٍ الشخصي. وتابع: "نحن لسنا جهة ضبط، ولسنا مكلفون بالمواجهة مع المخالفين، بل نؤدي واجبنا في رفع التوجيهات وأي مخالفات للجهات المختصة بالضبط. لكن حين تكون تلك الجهات نفسها متواطئة، فماذا عسانا أن نفعل؟".
واستجابةً لهذا التوجيه، تحرّك قائد القطاع الخامس حزام أمني، في مريس، نصر جعوال؛ لمحاولة إيقاف بعض الحفّارات وسحبها إلى مركز المحافظة، إلا أن هذا التحرك لم يكتمل. حيث توقف بعد إيقاف عدد محدود من الحفّارات، بينما استمرت أخرى بالعمل في بعض قرى مريس فترة تمتد لعشرة أيام دون أن تتجاوب لتعميم المحافظة.
وفي وقت لاحق، استعجل جعوال مكتب الزراعة في إصدار تصاريح للحفّارات التي أوقفها، مطالبًا بمنحها تصاريح دون دفع أي رسوم للهيئة العامة للموارد المائية. متسائلًا عن سبب عدم إصدار تلك التراخيص حتى اللحظة.
ورغم صدور التعميمات من المحافظة بإيقاف كافة أعمال الحفر، لم تنجح السلطة المحلية في إيقاف بعض الحفارات في مديريات أخرى. حيث واصل اثنان منهما العمل في منطقة حبيل السوق التابعة لمديرية الضالع، واثنان في منطقة ومديرية الحصين، إضافة إلى حفار أخر في منطقة العقلة، دون أي تجاوب من مالكيها أو قدرة الجهات المعنية على ضبطها.
ويصف المواطنون ما يحدث بأنه ابتزاز مالي منظم، مؤكدين أن الحفّارات تعود للعمل بعد دفع الأموال، في ظل غياب الالتزام بالقانون أو حماية الموارد المائية.
في السياق نفسه، يقول الإعلامي والكاتب معتصم الجلال، أحد سكان منطقة مريس:"نحن نشهد اليوم أعظم تهديد لوجودنا البشري في مريس، فانتشار الآبار العشوائية بات يهدد الحياة نفسها، وكل يوم نستشعر انحدارًا نحو اللا حياة".
ويضيف لـ”المشاهد": "كل ذلك يحدث وسط صمت مريب من الآباء، والمشايخ، والعقلاء، والسلطة المحلية، الذين ضلّوا الطريق حين شرعنوا اغتصاب الأرض باستخدام آليات ضخمة، ووسائل لا تقل عشوائية عن أكثر النماذج فوضى في العالم، تحت ذريعة حفظ حق البقاء".
ويواصل الجلال: "أن مريس، كما هو حال المناطق الوسطى عمومًا، تعيش لعنةً تتفاقم مع كل حفرة تُشق دون وعي أو دراسة. فقد أصبحت ظاهرة حفر الآبار العشوائية واحدة من أخطر الأزمات في اليمن، حيث تنتشر بوتيرة مقلقة في مختلف المحافظات، مخلفةً آثارًا بيئية واجتماعية واقتصادية مدمرة، تهدد مستقبل البلاد وأجيالها".
ويختتم: "في مريس والضالع ككل نشاهد الموت يتسلل إلينا يومًا بعد يوم، جراء نضوب المخزون الجوفي في بعض المناطق؛ ما تسبب في جفاف المزارع، وانقطاع مياه الشرب، ووقوع انهيارات أرضية نتيجة الحفر العميق غير المدروس وغير القانوني. فضلًا عن تراجع النشاط الزراعي القائم على المياه الجوفية؛ ما يهدد الأمن الغذائي ويجعل من الكارثة واقعًا يشيب له الولدان".
"المشاهد نت"
وتشهد المنطقة انتشارًا واسعًا للحفّارات الارتوازية، التي تنتقل من موقع إلى آخر، وتنفذ عمليات حفر دون تصاريح رسمية أو دراسات علمية. وغالبًا ما تعمل تحت حماية مسلحة، في ظل غياب تام لدور الجهات المعنية، وتهاون واضح في تطبيق القوانين المُنظمة.
وأدى هذا الوضع إلى نضوب عشرات الآبار الجوفية، وتعرض مساحات واسعة من الأراضي الزراعية للجفاف. حيث توقفت مزارع كانت منتجة سابقًا؛ بسبب انعدام المياه. هذا الأمر أثار قلقًا متزايدًا لدى السكان المحليين ممن يعتمدون على استخدام المياه الجوفية لري محصول القات، الذي يعد مصدر دخل رئيسي للآلاف من الأسر.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، في أبريل 2024، تصنف اليمن من أفقر دول العالم في الموارد المائية. حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 83 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنة بالحد الأدنى 500 متر مكعب. وتشير المنظمة إلى أن القطاع الزراعي يستهلك نحو 90 % من إجمالي استخدام المياه في البلاد. يذهب معظمها لزراعة القات.
- جفاف مئات الآبار
يشكو المواطن "أمين مزاحم" أحد أهالي قرية القحيلة، في مديرية مريس من تداعيات الكارثة التي لحقت بهم جراء جفاف الآبار الجوفية. ويقول لـ”المشاهد" إن "الوضع الحالي هو الأسوأ في تاريخ المنطقة، سواء من ناحية ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية، أو من جفاف المحاصيل الزراعية.

ويضيف: "الكثير من الأهالي أصبحوا يشكون من الجفاف وتأخر موسم الأمطار؛ ما ألحق أضرارًا كبيرة للمزارعين".
وخلال الرصد الذي قام به معد التقرير لقرية القحيلة التي يسكنها مزاحم، لاحظ أن القحيلة وقريتي رُصابة والمخباة المجاورتين تضم 133 بئرًا جوفية. منها أكثر من 100 بئر جافة بالكامل، بينما القليل من هذه الآبار لا تزال تعمل. لكنها تنتج كميات محدودة من المياه لا تكفي لتغطية 5 % من احتياج المزارعين.
ينص قانون المياه رقم 33 لسنة 2002، في المادة (35) على منع أي فرد أو جماعة أو جهة حكومية أو أهلية من حفر أي بئر أو تعميقها إلا بترخيص مسبق من الجهات الرسمية المسؤولة، ممثلة في الهيئة العامة للموارد المائية.
- اتفاقيات محلية للحفر العشوائي
يتحدث عدنان المريسي، أحد شباب المنطقة، لـ”المشاهد"، ويقول: إنهم اعتادوا على الحفر العشوائي. حيث يتم ذلك وفق اتفاقيات بين الأهالي، تضمن لكل فرد حق الحفر في أرضه. مشيرًا إلى أن المزارعين لجأوا إلى هذه الاتفاقيات للحد من الصراع الذي ينشب عند محاولة منع الحفر. إذ يصل الأمر إلى تبادل إطلاق النار وسقوط أصابات وإحراق معدات زراعية. وبحسب (الفاو) فإن 70 -80 % من الصراعات في اليمن مرتبطة بالمياه.
ويضيف المريسي: "الكارثة تبدأ حين يتفق الأهالي على إدخال الحفّار إلى موقع معين، حيث لا يسمح بدخوله إلا بناءً على اتفاق جماعي يقضي بالحفر للجميع". موضحًا أن "أي بئر يتم حفرها، يجب أن تُحفر بجانبها تسع أو عشر آبار أخرى، ولو اضطروا لإدخال أكثر من حفّار".
ويواصل:"هذا السلوك نابع من حالة خوف متبادل بين الأهالي، إذ يخشون أن يبادر أحدهم بالحفر ثم يمنع الآخرين لاحقًا؛ ما يدفع الجميع إلى الحفر سواءً كانوا مضطرين أو لا. وفي مواقع تتوفر فيها المياه أو حتى في أراضٍ جافة، وغالبًا بأعماق كبيرة".

لافتًا إلى أنه لو وُجدت سلطة صادقة تضبط هذا الفوضى، لما سُمح بالحفر العشوائي، ولتمّت مواجهة المخالفين بحزم منذ البداية، عبر توزيع عادل للمياه بين المزارعين، ودون إيصال أهالي مريس إلى هذا المستوى من الجفاف والضرر الكبير.
تنص المادة 70 من تعديلات قانون المياه رقم (41) لعام 2006، على عقوبة حبس لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة مالية لا تزيد على مائتي ألف ريال، مع إيقاف العمل في موضع المخالفة وإلزام المُعاقب بإصلاح الأضرار وإعادة الوضع إلى ما كان عليه. وتضاعف العقوبة مع تكرار المخالفة أو استمرارها لكل مقاول أقدم على حفر بئر للمياه أو إقامة منشأة مائية لاحتجاز مياه السيول أو تحويلها عن مجاريها الطبيعية، دون أن يكون مرخصًا له بمزاولة ذلك النشاط.
ويختم المريسي حديثه بالإشارة إلى إن السلطة في مريس دأبت -كما في كل مرة- على توقيف الحفارات لشهر أو أكثر، ثم تترك العبث يتواصل.
- الطاقة الشمسية تفاقم الحفر العشوائي
ويحذر الباحث في المجال الزراعي وأحوال الطقس، يحيى المريسي، من تسارع وتيرة استنزاف المياه الجوفية. مشيرًا إلى أن عددًا من الآبار التي تم حفرها هذا العام لم تصمد لأكثر من ثلاثة أشهر قبل أن تبدأ في الجفاف.
ويقول: "شعرتُ بالخطر الحقيقي عندما جفتْ الآبار قبل أن تغطي حتى تكاليف المعدات، ففي قريتنا وحدها حُفرت أكثر من عشرين بئرٍ جوفية هذا العام، ورغم ذلك لم يتغير شيء". مشيرًا إلى أن ازدياد عدد الآبار لم يؤدِّ إلى وفرة المياه، بل زادت شحة المياه، في إشارة واضحة إلى العواقب البيئية لاستمرار الحفر العشوائي دون تخطيط أو حلول مستدامة.
- الحفر بقوة السلاح
ويضيف بمرارة: واقع مريس معقّد كثير فـ”المواطن هناك أصبح بمثابة دولة، يمتلك السلاح والأطقم والأفراد، ولا يعترف بأحد. فالبعض يمتلك خمسة أو ستة آبار، ومع ذلك لا يكتفي ويريد أن يحفر المزيد كل عام، دون أي التزام بالأنظمة".
ولفت إلى أن السلطة المحلية في المديرية أصدرت تعميمًا بوقف الحفر، وتم تعزيزه بتعميم آخر من المحافظة، فاستجابت بعض الجهات الأمنية، وقامت بتوقيف عدد من الحفارات، وإلزام أصحابها بعدم الحفر إلا بتصريح رسمي، وسحب معداتهم إلى مركز المديرية. إلا أن هذا التحرك لم يمر بهدوء، فبحسب الهدالي: "واجهنا هجومًا شديدًا من مشايخ وقادة نافذين في مريس، الذين اعتبروا تحركاتنا تخويفًا لملاك الحفارات، وقدموا شكاوى ضدنا في المحافظة ونزلوا حتى إلى عدن، واتهمونا بأننا نريد حرمان مريس من المياه".
- توجيه المحافظة بمنع حفر الآبار
ويزيد: "كنا على وشك أن نُحبس لولا أننا فررنا، بعد أن واجهنا تهديدات مباشرة من بعض المواطنين المسلحين الذين رفضوا الحصر بشكل قاطع".
وختم الهدالي حديثه بالإشارة إلى أن الإمكانيات في مكتب الزراعة شبه منعدمة، وأن كثيرًا من تحركات المكتب تتم بجهدٍ الشخصي. وتابع: "نحن لسنا جهة ضبط، ولسنا مكلفون بالمواجهة مع المخالفين، بل نؤدي واجبنا في رفع التوجيهات وأي مخالفات للجهات المختصة بالضبط. لكن حين تكون تلك الجهات نفسها متواطئة، فماذا عسانا أن نفعل؟".
- قرارات محلية لا تُنفذ
- تعميم بمنع حفر الآبار في أبريل 2025
واستجابةً لهذا التوجيه، تحرّك قائد القطاع الخامس حزام أمني، في مريس، نصر جعوال؛ لمحاولة إيقاف بعض الحفّارات وسحبها إلى مركز المحافظة، إلا أن هذا التحرك لم يكتمل. حيث توقف بعد إيقاف عدد محدود من الحفّارات، بينما استمرت أخرى بالعمل في بعض قرى مريس فترة تمتد لعشرة أيام دون أن تتجاوب لتعميم المحافظة.
وفي وقت لاحق، استعجل جعوال مكتب الزراعة في إصدار تصاريح للحفّارات التي أوقفها، مطالبًا بمنحها تصاريح دون دفع أي رسوم للهيئة العامة للموارد المائية. متسائلًا عن سبب عدم إصدار تلك التراخيص حتى اللحظة.
ورغم صدور التعميمات من المحافظة بإيقاف كافة أعمال الحفر، لم تنجح السلطة المحلية في إيقاف بعض الحفارات في مديريات أخرى. حيث واصل اثنان منهما العمل في منطقة حبيل السوق التابعة لمديرية الضالع، واثنان في منطقة ومديرية الحصين، إضافة إلى حفار أخر في منطقة العقلة، دون أي تجاوب من مالكيها أو قدرة الجهات المعنية على ضبطها.
- التهرب من دفع الرسوم
ويصف المواطنون ما يحدث بأنه ابتزاز مالي منظم، مؤكدين أن الحفّارات تعود للعمل بعد دفع الأموال، في ظل غياب الالتزام بالقانون أو حماية الموارد المائية.
في السياق نفسه، يقول الإعلامي والكاتب معتصم الجلال، أحد سكان منطقة مريس:"نحن نشهد اليوم أعظم تهديد لوجودنا البشري في مريس، فانتشار الآبار العشوائية بات يهدد الحياة نفسها، وكل يوم نستشعر انحدارًا نحو اللا حياة".
ويضيف لـ”المشاهد": "كل ذلك يحدث وسط صمت مريب من الآباء، والمشايخ، والعقلاء، والسلطة المحلية، الذين ضلّوا الطريق حين شرعنوا اغتصاب الأرض باستخدام آليات ضخمة، ووسائل لا تقل عشوائية عن أكثر النماذج فوضى في العالم، تحت ذريعة حفظ حق البقاء".
ويواصل الجلال: "أن مريس، كما هو حال المناطق الوسطى عمومًا، تعيش لعنةً تتفاقم مع كل حفرة تُشق دون وعي أو دراسة. فقد أصبحت ظاهرة حفر الآبار العشوائية واحدة من أخطر الأزمات في اليمن، حيث تنتشر بوتيرة مقلقة في مختلف المحافظات، مخلفةً آثارًا بيئية واجتماعية واقتصادية مدمرة، تهدد مستقبل البلاد وأجيالها".
ويختتم: "في مريس والضالع ككل نشاهد الموت يتسلل إلينا يومًا بعد يوم، جراء نضوب المخزون الجوفي في بعض المناطق؛ ما تسبب في جفاف المزارع، وانقطاع مياه الشرب، ووقوع انهيارات أرضية نتيجة الحفر العميق غير المدروس وغير القانوني. فضلًا عن تراجع النشاط الزراعي القائم على المياه الجوفية؛ ما يهدد الأمن الغذائي ويجعل من الكارثة واقعًا يشيب له الولدان".
"المشاهد نت"