الثلاثاء, 20 مايو 2025
207
تعرضنا لهذا الأمر الحيوي أكثر من مرة، فالجبهة الإعلامية تكتسب أهمية استثنائية في هذه الظروف، فهي الجبهة المشتعلة على مدار الساعة دون توقف وعلى تنوع منابرها ومنصاتها، فالحملات الإعلامية لأعداء الجنوب وقضيته ازدادت وتيرتها وأتسع نطاقها وعلى نحو غير مسبوق، وهي تستغل بخبث ولؤم سوء الأوضاع المأساوية التي يعيشها الجنوب وعدن العاصمة على وجه الخصوص.
وتزايد حركة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة دفاعا عن الحقوق المشروعة، لبث سمومها في محاولات مكشوفة للإساءة لأهدافها وجعلها فرصة لإثارة الشكوك وتبادل الاتهامات وإشعال نار الفتنة التي تبحث عنها بين الجنوبيين، الأمر الذي يتطلب الحذر واليقظة الوطنية العالية.
ونعتقد بأن تحقيق ذلك لن يتم دون وجود نشاط إعلامي وطني جنوبي يقظ ومنظم وفعال، يدافع أولا وأخيرا عن الجنوب وقضية شعبه الوطنية العادلة والمشروعة، ويحث كذلك على أهمية وضرورة وحدة الصف الوطني الجنوبي، وتعزيز وتماسك جبهته الداخلية بكل أركانها ويحصنها من الاختراقات.
وهذا ما يستدعي بالضرورة التحرر من حالات (التمترس) الإعلامي الضيق المدفوع بخلفيات حزبية وفئوية أو جهوية مقيتة، أو شللية نفعية تتحكم بها الانفعالات وردود الأفعال والتقييمات الخاطئة للآخر الجنوبي، أو تلك التي يبحث أصحابها عن الشهرة عبر الإثارة أملا بالتميز (الإعلامي) الخادع، وعلى حساب الحقيقة والمنطق.
إن سلوك مثل هذا من شأنه أن يلحق أكبر الضرر في فهم عدد كبير من الناس الذين لا يسعفهم وعيهم لإدراك الحقائق القائمة وكما هي، أو التمييز بين الصح والغلط وتفنيد مقاصد ما تضخه لهم شبكات التواصل الاجتماعي على تعدد منصاتها الإعلامية.
وبالنظر للمخاطر المحدقة بالجنوب وقضيته الوطنية، فإننا ندعوا هنا بصدق وإخلاص وطني إلى قيام جبهة وطنية إعلامية، تنظم وتتسق كل الجهود الإعلامية للهيئات والمؤسسات والمواقع الإعلامية المختلفة ومبادرات النشطاء الإعلاميين، والبحث عن الصيغة المناسبة التي من شأنها بلورة مثل هذا العمل الوطني الهام.
ونعتقد بأن اتحاد الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين هو الجدير والقادر على تولي زمام المبادرة بذلك، وبالتعاون والتنسيق مع الجهات والمؤسسات الإعلامية الرسمية والأهلية.
مع التأكيد هنا بأننا لا ندعوا لإلغاء خصوصية واستقلالية كل وسيلة إعلامية، أو تماثلها مع غيرها أو فرض نمط محدد أو صيغة معينة لنشاطها ودورها الإعلامي الذي أختطه لنفسها.
غير أن ما نقصده هو جعل التنوير الوطني والدفاع عن قضية الجنوب قاعدة ومنطلقا وطنيا وأخلاقيا عند التصدي لحملات الإعلام المعادي الذي يستهدف قضية الجنوب، وجعل الدفاع عن حقوق الجنوبيين وحرياتهم العامة ودون انتقائية أو تمييز، هدفا نبيلا وثابتا في كل عملية التنوير الوطني وبكل أبعاده.
وندعو هنا أيضا كل الجهات الجنوبية المعنية -المحلية والمركزية دون استثناء- إلى القيام بدورها ومسؤولياتها الوطنية في تقديم كل أشكال الدعم المادي المطلوب لتعزيز دور ومكانة الإعلام الجنوبي، ورعايته وتسهيل مهمة المحاربين في هذه الجبهة الخطيرة.
فالإنفاق السخي على هذه الجبهة لن يشكل أي إهدار للمال في حسابات الربح والخسارة، بل سيكون استثمارا مستحقا ومفيدا في جبهة صناعة الرأي العام الفاعل والمتفاعل والمحصن من دسائس ومؤامرات الأعداء.