> حسن بن حسينون:

حسن بن حسينون
حسن بن حسينون
{ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} النساء/آية93 .. ظاهرة التوحش والافتراس من صفات الحيوانات التي تعتمد على القوة واللحاق بالضحية وافتراسها، والإنسان منذ بدايته كان حيوانا مفترسا أيضاً واستمر هكذا مثل بقية الحيوانات المفترسة التي لم تنقرض مثل النمر والفهد والأسد وغيرها من الحيوانات التي تعتمد على القوة والخداع والتضليل مثل الذئاب والثعالب. والإنسان بالإضافة إلى غرائزه الحيوانية فقد اخترع وطور الأدوات والوسائل التي تحميه من المخاطر والحصول على حاجاته المعيشية ثم طورها لتلبية حاجة الآخرين في أصقاع بعيدة من الأرض. ومع ذلك فالغريزة الحيوانية، غريزة القوة وقتل واستعباد الآخرين ظلت ملازمة له حتى الوقت الحاضر وتأخذ أشكالاً مختلفة، دولاً وحكومات ، أفراداً وجماعات، تخف وتزداد بين مرحلة وأخرى بين الدول والحكومات اليومية بين الأفراد والجماعات وفقاً لمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي، وهي في تزايد مستمر عندما تغيب الدولة وتغيب العدالة والمساواة والنظام والقانون عندها يسود الفساد والاستبداد ويصبح قانون شريعة الغاب هو السائد.

وهذا الواقع هو السائد في اليمن لم يتغير بالرغم من الادعاء بوجود الدولة التي اختلط فيها الحابل بالنابل أي اختلطت كل العصور بسماتها في العصر الحالي، مثل فصول السنة التي تمر على اليمن ونشاهدها في اليوم الواحد: ربيع وخريف، صيف وشتاء.

فبالأمس حملت لنا صحيفة «الأيام» خبر جريمة قتل حدثت في قرية الوهط محافظة لحج ضحاياها من عائلة واحدة، الجاني والمجني عليه القاتل والمقتول، ومثل هذه الجرائم البشعة لم تكن غريبة في اليمن وإن حدوثها واقع يومي متكرر نتناساها وندفنها كما ندفن ضحاياها في اللحود وتحت التراب، بينما جذوة نارها تظل مشتعلة في صدور أصحاب الدم حتى تحين ساعة النار والانتقام والحبل على الجرار.

وإذا كانت حادثة قرية الوهط قد اقشعرت لها الأبدان فإن هناك جرائم حدثت في مختلف مناطق اليمن أكثر بشاعة منها: هناك الأب الذي قتل زوجته وأولاده وبناته بصورة جماعية، والأخ الذي يقتل أخاه وأباه وأمه التي حملته. فمن المسؤول عن سبب كل تلك الجرائم إضافة إلى الانتهاكات اليومية والتعدى على حقوق الآخرين والقتل بسبب ومن دون سبب، التي يكون أبطالها رجال الأمن دون أن يقدم واحد منهم للعدالة.

أستطيع الجزم هنا أن السبب ومن يتحمل مسؤولية كل ما يحصل من جرائم وانتهاكات وحوادث قتل هي السلطة القائمة حتى ولو تنصلت أو قدمت الذرائع والمبررات لأن حماية الوطن وأمن المواطن من مسؤولياتها، وما دامت شريعة الغاب هي السائدة وقانون الفساد هو المعترف به في كل بقعة من الأرض اليمنية فإن ارتكاب مثل هذه الجرائم سوف يزداد ويبقى ويستمر. ويمكن القول في الوقت نفسه إن ما تبقى من أخلاقيات ومن عادات وتقاليد حميدة هي ما نشاهدها في علاقات الناس اليومية. ويخطئ من يعتقد بأن لها علاقة بالنظام والقانون فلا وجود لهما إلا في الورق التي يتم حفظها وأرشفتها وتحت أيد أمنية، أما على أرض الواقع فلا وجود لها وإلا لما استمر القتل واستمرت الانتهاكات اليومية. لكن مصيبة السلطة أنها لا تريد أن تعترف بذلك فكل شيء عندها تمام التمام النظام دقيق والقانون مطبق والوحدة باقية ولسان حالها يقول «تصدق عيونك في أم عيالك» والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.