> «الأيام الرياضي» عبدالله بن حميدان:

جاءت الأيام الماضية تحمل بشارة مولود جديد اسمه (العروبة) الذي كان نتيجة دمج ناديي الأمن المركزي والسبعين، ليكون امتدادا طبيعيا لعملية الدمج التي شهدتها بلادنا في السنوات الأخيرة..فكم هو جميل أن يتم تقليص عدد أنديتنا الليمونية بهكذا طريقة.

وكم هو جميل أن يصل عقلاء الأندية إلى حقيقة أن الدمج اليوم بات العلاج الأمثل لتنظيم نسل الأندية اليمنية، غير أن هناك من يعارض فكرة الدمج ويعتبرها مجرد حل فاشل لخروج الأندية من جلباب المشاكل، وبلا شك هم مخطئون في ذلك على أساس أن الدمج عملية رياضية ناجعة تعمل بها الكثير من الدول..صحيح أن بعض الأندية التي دمجت رافقها الفشل لكن ليس معنى ذلك أن الخلل أساسه في الدمج بقدر ما يتجسد في الآلية المتبعة في تسيير عمل الإدارة فيما بعد عملية الدمج.

مؤخرا أجزم فقهاء الكرة في سوق الرياضة اليمنية أن عدد أنديتنا وصل إلى 400 ناد رياضي ثقافي اجتماعي هكذا يسمونها، لكن السؤال الذي ظل يستفز الشارع الرياضي في بلادنا هو:«على أي أساس تمنح وزارة الشباب الاعترافات للأندية؟»، بمعنى أن كل دولة لها نظام خاص لصرف الاعترافات، فالبعض مثلا يتبع نظام الكثافة السكانية والبعض الآخر ينتهج سياسة التقسيم الجغرافي، غير أن وزارة الشباب والرياضة في بلادنا يبدو أنها تعتمد على مبدأ العزل القبلية والأحياء الشعبية..لا جدل على كبر بلادنا وتنوع بيئتها الجغرافية، لكن رغم هذا هل تتناسب 400 ناد مع حجم البلاد وعدد العباد، ثم لماذا يعزفون على وتر كثرة الأندية تسهم في زيادة المواهب،بينما لم تتمكن أنديتنا الدكاكينية التي تجاوزت الـ 400 ناد من تفريخ أحد عشر لاعبا يرفعون الرأس؟

علة الرياضة اليمنية أنها تعتمد بشكل كبير على سياسة الكم وتتجاهل حقيقة الكيف ، لأن معظم أنديتنا للأسف لا تملك أدنى مقومات الأندية الحقيقية التي هي أصل وفصل أي تطور رياضي قادم..والغريب في الموضوع أن الوزارة تصيح من أزمة مالية عصفت بالصندوق جراء زيادة الصادرات، بينما نرى كل يوم أندية جديدة تظهر على السطح وكأنها تحصل على اعترافاتها من كوكب المريخ!..فإذا كانت الوزارة تبدو عاجزة عن دعم الأندية بالدعم الكافي فما الذي يدفعها إلى صرف اعترافات جديدة؟ لأنه طالما جاءت الأندية بطريقة شرعية فمن الواجب على الوزارة الإنفاق عليها حسب نظامنا المتبع، فإذا كانت الوزارة مصرة على صرف الاعترافات فمن الأفضل أن تضع شرط الاعتماد على النفس ، ونسيان الرضاعة من ثدي الوزارة ، وهي خطوة يمكن أن تخرج الوزارة من دائرة الإحراج وتريحها من صداع هذه الأندية.

وبلغة الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل أحب أن أختم هذه المساحة بمقارنة بسيطة تثبت حقيقة ما ذهبت إليه في السطور آنفة الذكر، والحكم متروك لكم..فمدينة كسيئون يوجد بها خمسة أندية بينما محافظة جدة السعودية لم تتجاوز أنديتها الثلاثة، وبلادنا ذات العشرين مليون نسمة عدد أنديتها 400 ناد، بينما السعودية التي تجاوز عدد سكانها خمسة وعشرين مليون نسمة لم يزد عدد أنديتها عن 153 ناديا، ثم احسبوها بالعقل والمنطق، محافظة حضرموت فقط بلغ عدد أنديتها مؤخرا ما يقارب الـ40 ناديا أي 30% من إجمالي أندية السعودية ، وهذا بالطبع ليس تقليلا بحق مدينة سيئون أو محافظة حضرموت بقدر ما هو مثال واقعي لتوضيح صورة الانتشار الهائل للأندية.

كل ما أردت قوله في هذا الموضوع الحساس والهام هو أن وزارة الشباب والرياضة باتت اليوم ملزمة لإيجاد حلول جذرية للحد من منسوب التضخم الحاصل في بلادنا ، لأننا بدون أندية مؤسسية حقيقية لن تكون رياضتنا سوى هم على البال ومجرد لعب عيال!!.