محمد العولقي
محمد العولقي
لم يعد الفرنسيون يسمعون " صياح " ديكهم في كأس العالم منذ أن تقاعد الديك الفصيح " زيدان " .. ومع كل مباراة افتتاح يقف المنتخب الفرنسي على " برميل " بارود فالبدايات السابقات خلقت " أزمة" لأشبال ديديه ديشامب " .. المدرب الذي يخفي داخله أطناناً من " الرهبة " قبل مواجهة هندوراس غداً..!
* ربما كان منتخب " هندوراس " هو أضعف منتخب يواجه الديك الفرنسي منذ 28 عاماً أي منذ أن قاد "بابان" فرنسا للفوز على كندا في مونديال المكسيك 1986.. لكن حالة " الغليان " ورهبة المباراة الأولى تلقي بظلالها على المنتخب الفرنسي صاحب " المزاجية " والمنتخب الذي ارتبط بفضائح نشرها أعضاؤه على " حبال " الغسيل .
* وإذا كان في داخل " ديشامب " بركان من القلق غير الحميد تخوفاً من مفاجأة " هندوراسية " غير متوقعة فإن هناك لاعباً آخر يحترق بدل المرة " ألف " .. وهو لاعب " نصف خمدة " .. مرات يبهرك وتصفق له .. ومرات يتعسك ويصدر لك الحسرة الممزوجة بالاكتئاب .. الأمر يتعلق بالهداف " الغامض " كريم بنزيمه .. وبنزيمه هذا تحاصره الاتهامات .. بعضها مغلي على الزيت وتتلخص في " برودته وكسله " .. وبعضها مشوية على النار وتتعلق بعدم فائدة اللاعب رغم الاجماع على موهبته .. إلا أن هناك " حلقة " مفقودة في علاقة " بنزيمة " بالمنتخب .
* من ناحية عقلانية يمكن لبنزيمة أن يكون " رادار " المنتخب في " البرازيل " إذا تكيف مع دوره الباطني كقائد يمكن أن يلتف حوله لاعبون شبان يخدمونه ويفرضونه كحلال للمشاكل التهديفية داخل المنتخب وربما يكون في صالح " كريم " غياب نجم فرنسا الأول " فرانك ريبيري " عن المونديال .. فالليالي الفرنسية غير المليحة تؤكد حقيقة إذا كثرت الديوك ضاع الفجر.. والحقيقة أن " ديشامب " كان ذكياً وهو يتخلص من الديوك التي تتصارع على الزعامة الميدانية .. ولم يبق من " الديوك " المتصارعة سوى " بنزيمة " .. والأبواب البرازيلية مفتوحة أمامه ليبرهن أنه من طينة الكبار وأنه قادر أن يكون " المنقذ " و " الملهم " في ذات الوقت.
* كانت مشكلة " فرنسا " في غرف الملابس وفي مقاعد البدلاء وكان النزاع الداخلي بين الديوك واضحاً للعيان .. وعندما قرر " ديشامب " الاستغناء عن " ديوك " المشاكل بدءاً من " حاتم بن عرفة " مروراً بصانع الألعاب " سمير نصري " نهاية بالغياب القهري لريبيري هدأت الأوضاع في المعسكر الفرنسي .. ولم يبق إلا " ديشامب " الحاكم الآمر بقبضته الحديدية الموازية للاعبين يبحثون عن تألق تحت شمس البرازيل الحارة والممطرة أيضا.
* وترتكز فلسفة " ديشامب " في غياب اللاعب " المشكلجي " على خلطة الجماعية واللعب ميدانياً بعقلية المدرب في إشارة إلى غياب الاجتهاد " الفردي " و " أنانية " لفت الأنظار وهو يعول على سلاح الحماس والرغبة الجامحة في إطلاق " مكوك " أزرق جديد يكتسب سرعته من حيوية شباب لعبوا أدواراً مؤثرة مع أنديتهم في مقدمتهم " فاران " مع الريال و " بوجبا " مع اليوفي و " ماتويدي " مع البي أس جي.
* صحيح أن فرنسا تفتقد إلى شخصية " القائد " الذي يوحد الجهود داخل الملعب ويتحكم في " الرتم " من حيث تخفيضه وتسريعه لكن " شخصية " الانضباط التي صنعها " ديشامب " يمكن أن تقلل من خطورة الاندفاع الأعمى غير المدروس .
* هذا المنتخب هو أقل معدل الأعمار في تاريخ مشاركات فرنسا في بطولات كأس العالم .. والخبرة تكاد تختزل في الحارس " لوريس " 26 عاماً فقط و" فالبوينا " 27 عاما .. عدا ذلك فإن متوسط المعدل العام يضع فرنسا تحت مجهر الحيوية والقوة والطراوة البدنية وهي مكملات يمكن أن تذهب بفرنسا إلى أبعد مدى لو أحسن " ديشامب " فرض نفسه " القائد " المحرك لطاقات اللاعبين.
* لكن كل ذلك يبقى مرتبطاً بالفوز غداً على " هندوراس " فالمنتخب الذي يعاني من ثورة شك كلثومية يبحث عن مفتاح البداية .. والفوز وحده سيكسب المنتخب الفرنسي " ثقة " لا حدود لها وعندها ستعرف كيف تتعامل مع الضغوطات في مباراتي " سويسرا " و" الأكوادور " .. وربما أيضاً تطوي المسافات لتجد نفسها وجهاً لوجه مع الأرجنتين في ربع النهائي.
* أما في حالة التعادل أو الخسارة فسيدخل الديوك في " متاهة " نفسية قد تعصف بالمنتخب وتحول محاسنه الجماعية إلى " رميم " لا تسمن ولا تغني من جوع ويفترض أن " ديشامب " قد حسم خياراته في قلب الدفاع .. هل يلعب بفاران الشاب إلى جوار مامادو ساكو؟ .. أم يفضل الصلابة بإشراك مانجالا مع كوسيلي؟ .. أما الوسط فيبدو معروفاً : كاباي وبوجبا وماتويدي .. والهجوم يبقى مرتبطاً بطريقة اللعب ففي حالة اللعب بأربعة وسط سيكون ثنائي الهجوم بنزيمه وجيرو أو كريزمان .. وفي حال اللعب بثلاثة في الوسط فسيكون بنزيمه هو الخيار المفضل لفرنسا .. وسيبقى " فالبوينا " هو " عصب " الفريق من حيث قدرته على صناعة اللعب وفطرته في الاختراق من الرواقين .. وهو ما يسهل مأمورية " بنزيمة " و " جيرو" و " كريزمان " وحتى المد القادم من الخلف في تسربات " بوجبا " و" ماتويدي " و " كاباي ".
* عموما فرنسا عودتنا على " مقالب " في الافتتاح وعودتنا على اللعب والعزف على أوتار محبيها .. الفارق أن العالم لن يغفر لفرنسا سقطة في الافتتاح أمام " هندوراس " .. ليس تحسباً لتداعيات فضيحة بجلاجل فقط .. ولكن لأن الجيل الشاب مرتبط كلياً بنتيجة مباراة الغد أمام " هندوراس " .. وشعار فرنسا غداً .. يا بها يا بجنبها.