> تقرير/ سالم حيدرة صالح

ما زال نازحو محافظة الحديدة في حارة حصن شداد بمدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين يعانون مرارة التشرد الذي تسببت به قوات الحوثي باحتلالها محافظتهم منذ عدة سنوات، وإهمال المنظمات الدولية والإغاثية والسلطة المحلية بزنجبار والمحافظة.

غياب تام للمعنيين
إهمال ونسيان وضعاهم في مكانٍ لا يحسدون عليه؛ بل يبعث الشفقة والرحمة حيث باتوا يصارعون بكل جهدهم من أجل الحصول على جزء من قوت يومهم وحسب، أما مأواهم فلا يخفى على أحد، فهناك من يسكن منهم في العشش وتحت أشجار (السيسبان)، أمكان تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة العادية، ففراشهم الأرض إذا ما أرادوا النوم، ولحافهم السماء، يعانون حرارة الشمس والأتربة نهاراً والبرد القارس ليلاً، تخلت عنهم الجهات المعنية والمنظمات ذات العلاقة ولم يتحصلوا منها حتى على شيء بسيط من المواد الإيوائية أو جزء من أدوات المطبخ تمكنهم من تحضير وجباتهم، ولانعدام دورات مياه الصرف الصحي انتشرت الأمراض والأوبئة في أوساطهم وفي مقدمتها الملاريا والإسهالات، أمور صعبة بعضها فوق بعض أجبرت الكثيرين منهم للخروج إلى الشوارع للتسول بهدف توفير ولو جزء بسيط من لقمة العيش لأطفالهم وأسرهم، وضع يعكس مدى المعناة التي وصولوا إليها في ظل غياب تام للمنظمات الإغاثية والدولية.
مسكن النازحين
مسكن النازحين

الحرمان
وقال رضوان جابر علي، وهو أحد نازحي بيت الفقيه بمحافظة الحديدة: إنه يقاسي وأفراد أسرته التي يعيلها الحرمان من أشياء كثيرة جراء التشرد والنزوح الذي تسببت به الحرب.
وأوضح في حديثه لـ «الأيام» أنه يكابد ليوفر ما تيسر من القوت الضروري للبقاء على قيد الحياة نتيجة لاستشهاد والده وهو يقاتل في صفوف الجيش ضد مليشيات الحوثي في جبهة «الملاحيظ» بمحافظة صعدة، والتي تسببت في تشريدهم جراء الحرب التي أشعلت فتيلها قبل أربع سنوات وأرغمتهم على ترك ديارهم قبل أن يضعوا رحال نزوحهم في هذه الحارة بمدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، مضيفاً «أنا الكبير في أسرتي المكونة من عشرة أفراد بعد استشهاد أبي، ومنذ نزوحنا إلى هنا لم نتحصل على قوت يومنا، ونكتفي بوجبة واحدة فقط في اليوم إذا ما تحصلنا عليها من أهل الخير، أما المنظمات الدولة والإغاثية والدولية فلم تزرنا وتركونا نصارع الموت جوعًا بعد أن شردتنا المليشيات الحوثية من محافظتنا، وحالياً أصبحنا نعيش في ظل ظروف صعبة ومعقدة، وعبر (الأيام) نناشد أهل الخير بضرورة مد يد العون والمساعدة لنا للتخفيف مما نُعانيه».

النوم على الأرض
فيما قالت النازحة، عيشة جامع: نقاسي الأمرين، ونفترش الأرض للنوم، حتى أبسط الأشياء لا تتوفر لدينا فلا فرش ولا بطانيات، ونسكن في العشش تحت أشجار (السيسبان)، كما تشاهدون، وحتى اليوم لم يصلنا أي دعم في الجهات ذات العلاقة والمنظمات المعنية، نعيش على وجبة واحد في كثير من الأحيان، ونضطر للعمل في المزارع في أوقات كثيرة.
وأضافت في حديثها لـ «الأيام» زوجي يُعاني من مرض الفشل كلوي وبحاجة ماسة للعلاجات، ونحن لا نمتلك شيئاً لنتمكن من علاجه سوى الدعاء له بالشفاء، فالله تعالى هو الوحيد القادر على تفريج كُرب عباده، وأملنا من المسؤولين توفير لقمة العيش، وإنقاذنا من الأوبئة والأمراض المنتشرة والخطيرة جراء انعدام شبكة الصرف الصحي.

فقر وعوز
وأضاف محمد حيدر سلمان، أحد نازحي بيت الفقيه، أجبرنا الفقر والعوز واليأس من دعم المنظمات الإغاثية والسلطة المحلية بزنجبار والمحافظة للجوء إلى التسول نتيجة لِما نمر من ظروف معيشية صعبة وقساوة الحياة المريرة، والأمر من ذلك أن السلطة المحلية لم تكلف نفسها بزيارتنا والسؤال حتى اللحظة علينا، فالمليشيات هجرتنا من ديارنا عنوة والمعنيون أهملونا وتركونا نعيش هنا وكأننا في القرون الوسطى، حيث نفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم.. إننا نعاني كغيرنا من النازحين هنا من العديد من الصعوبات التي أصبحنا بسببها ننام ليالٍ بدون أكل ومفترشين الأرض ومعرضين للبعوض والحشرات والأفاعي والعقارب، ولهذا نناشد أهل الخير بمد يد العون والمساعدة  لإنقاذنا من الوضع المزري الذي نعيشه.
العشش وأشجار السيسبان مأوى النازحين
العشش وأشجار السيسبان مأوى النازحين

أوضاع مأساوية
فيما قالت النازحة خديجة جابر: «نحن يتامى، والدنا استشهد في صعدة وتركنا نعيش ظروفًا مأساوية ومعقدة لا نملك أي شيء ونصارع الجوع والعوز والفقر، نسد قليلاً من جوعنا من ما تجود به الأيادي البيضاء من أهل الخير.. أما المنظمات الدولية فلم تزرنا أو تقدم لنا شيئاً حتى اليوم، ومن خلال «الأيام» نناشد أصحاب القلوب الخيرية بمساعدتنا لنتمكن من تجاوز الظروف التي نمر بها في هذه العشش».

وأخذت بأطراف الحديث النازحة خديجة عمر من محافظة وأضافت: «نعيش في هذه العشش وكأننا لسنا بشر لنا حقوق بعد أن شردتنا المليشيات الحوثية من ديارنا.. أصبحنا لا نملك حتى وجبة يومنا، فضلاً عن انعدام الفرش والبطانيات وغيرها، مع انتشار الإسهالات والأمراض في أوساط الأطفال، كما إننا نضطر لقضاء حاجتنا في العراء لانعدام الحمامات».
وبصوت مشحون بالمرارة قالت الطفلة اليتيمة أوصاف حيدر سلمان: «والدنا اُستشهد في الحرب وتركنا نعيش في ظل هذه ظروف الصعبة للغاية، نأكل وجبة واحدة في اليوم وننام على التراب وبدون أغطية تقينا من البعوض».