> عامر علي سلام

عامر سلام
عامر سلام
رن هاتفي فجأة ودون تردد كان الصوت باهتا ومخنوقا ومكتوما ألما!! من مصر يأتي صوت المخرج العزيز صبري أحمد عبدالباري الذي غادر عدن بعد صراع مرير وقد ذبلت أوصاله واصفرت كل ملامحه التي اعتدت أن أراها معي مخرجا في خطوط حمراء..!! قائلا: اكتب يا أخي، اكتب عن حالنا المرضي، لقد تليف كل كبدي واستفحل المرض بي..! تأخرت كثيرا عن الذهاب للعلاج، لم أجد من وزارة الإعلام أو الجهات الرسمية في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون أي مساعدة للعلاج في الخارج بعد خدمة 30 عاما عشناها في التلفزيون والإذاعة.. ها نحن نصفر كأوراق  الشجر وتذبل أرواحنا قبل أجسادنا عوزا وألما ومرضا فلا نجد من منقذ إلا وقد تساقطت أوراقنا وأكملت دورة الخريف الأخير!

اكتب  يا أخي، اكتب ومثلي كثير.. نصر الوجيه وإبراهيم أحمد إبراهيم ووجدي أنور وأم محمد وأم سمير ومحسن وعبدالله وآخرون قد غطتهم الأرض في مثواهم الأخير.
اكتب يا أخي اكتب، أغلقوا مرفقنا وقطعوا عنا علاجات التطبيب ومساعدات العلاج في الخارج.. وحكموا علينا بالإعدام صمتا.. وتجاهلنا.. وإقصاء..!! ها نحن في السنة الرابعة بعد الحرب وبعد  تحرير عدن.. من يسأل عن موظفي الإذاعة والتلفزيون في عدن؟! وكلاء الإعلام ووزير الإعلام ومؤسسات الإعلام الرسمي المسموعة التي لا تسمع والمرئية التي لا ترى إلا انتصاراتها المزعومة على الحوثية في صنعاء..!! ونحن المهزومين من داخلنا الإعلامي نستاك بأفواهنا حنظل الموت.. ورائحة الانتظار في ثلاجات الموتى أو توابيتنا القادمة من الخارج..!!

اكتب يا أخي، اكتب إن الله فوقنا وفوقهم وفوق كل فاسد!
قلت له: كفى.. فقد كتبت وكتبت!
قال: اكتب يا أخي ولا تخف، فأنت أعلم بحالنا وأنت من تكتب عمرك بخطوط حمراء لا تسألهم إلحافا.. اكتب: (إنني موجوع وأسقط كورق خريف صفراء، وقد تلف كبدي والبصر).