> التقاها/ هشام عطيري

أكدت القاضية ذكريات عبدالكريم المساوى، القاضية في محكمة الحوطة الابتدائية أن واقع القضاء تأثر كثيراً في محافظة لحج بعد الحرب نتيجة لتدمير المجمع القضائي ومحكمة الحوطة، وتعرض الكثير من الوثائق والمستندات فيها للنهب.
وقالت في حوارها لـ«الأيام»: "إن فقدان المباني وقاعات المحكمة وغياب الأرشيف والوثائق والسجلات أفرز واقعاً صعباً للعمل القضائي.

وأشارت المساوى، وهي قاضي الأحوال الشخصية في المحكمة، إلى أن تتبوأ المرأة منصب قاضٍ في القضاء يُعد وضعاً طبيعياً مثلها مثل الرجل، لافتة إلى أن هناك نساء رائدات في القضاء وصلن إلى أعلى المناصب ومنهن من يحملن مناصب قيادية كبيرة.
فإلى التفاصيل:

بداية ما تقييمك لواقع القضاء في محكمة الحوطة الابتدائية بعد الحرب؟
في الحقيقة واقع القضاء كغيره من مؤسسات الدولة تأثر جداً بعد الحرب، حيث دُمّر الصرح القضائي الوحيد في المحافظة، وهو المجمع القضائي، وأيضاً محكمة الحوطة الابتدائية، كما تعرضت الكثير من الوثائق والمستندات فيها للنهب، وبالتالي فإن فقدان المباني وقاعات المحكمة وغياب الأرشيف والوثائق والسجلات أفرز واقعاً صعباً للعمل القضائي وصلت إلى شل العمل القضائي بالكامل في المحافظة، ولكن بعد تعيين فضيلة القاضي محمد محمود الجنيد رئيساً لمحكمة الاستئناف فإن وضع محكمة الحوطة الابتدائية تغيّر، حيث إن فضيلته بذل جهوداً كبيرة جداً يشكر عليها لاستعادة العمل القضائي في المحافظة من خلال استئجار مبنى للمحكمة بمدينة الحوطة وآخر لمحكمة الاستئناف، وتزويد تلك المباني بالأثاث حتى تعافى العمل القضائي، وتم تشكيل لجنة لحصر ملفات محكمة الحوطة الابتدائية، وأيضاً حصر ملفات الاستئناف، وبدأنا تدريجياً بالنظر في القضايا رغم وجود صعوبات ومعوقات كبيرة، إلا أنه يمكننا القول إن العمل القضائي موجود وفعل ملموس تحت رئاسة رئيس المحكمة".
مبنى محكمة الحوطة الابتدائية لحج
مبنى محكمة الحوطة الابتدائية لحج

ماذا عن مهام وعمل الشعبة القضائية في المحكمة؟
 طبعاً تشكِيل محكمة الحوطة الابتدائية كغيرها من المحاكم الابتدائية لا يظم شُعباً ودوائر على نحو ما هو موجود في محكمة الاستئناف، ونظام العمل بمحكمة الحوطة قائم على توزيع القضايا على قضاة المحكمة، فمثلاً تحال القضايا الجنائية للقاضي الجنائي، والمدنية للقاضي المدني، والأحوال الشخصية لقاضي الأحوال.. وهكذا، ونحن ننظر في قضايا الأحوال الشخصية والإثبات وبعض قضايا المخالفات، وأوضح القصد من سؤالكم عن مهام وعمل قاضي الأحوال الشخصية لأنه ليس هناك شُعَب في المحكمة الابتدائية حسب ما أوضحناه آنفاً، فعملنا ومهامنا هو النظر في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية كدعاوى الفسخ والنفقة والرؤية والنسب والوراثة والحضانة وتقسيم التركة.. وغيرها، وهي بالطبع قضايا كثيرة جداً، ورغم أننا نعمل في وضع صعب واستثنائي وبإمكانيات شحيحة واعتمادات تكاد تكون معدومة إلا أننا نحاول بذل جهود كبيرة ومضاعفة مع أمين سري، صالح عمير، وذلك محاولة منا لتخفيف من معاناة المواطن وحل مشاكله، والحمد لله تعالى تمكنا من إنجاز كثير من القضايا والفصل فيها بأحكام نهائية.

ما أبرز الإشكاليات التي تواجهكم في عملكم؟
- كثيرة أبرزها غياب مبنى خاص مملوك للقضاء، حيت لا توجد قاعات خاصة للنظر في القضايا، وكذا للأقسام والأرشفة رغم الجهود التي بذلت من قِبل رئيس محكمة الاستئناف في هذا الخصوص، إضافة إلى عدم التعاون بعض الجهات الحكومية في تطبيق أحكام القضاء وتوجيهاته.

هناك من يشكو من تأخر الفصل في القضايا، ما الأسباب وراء ذلك؟
الأسباب متعددة؛ أهمها: كثرة عدد القضايا الواردة للمحكمة وقلة القضاة فيها، فمحكمة الحوطة الابتدائية تظم في دائرتها مديريتي الحوطة وتُبن، وهما مديريتان كبيرتان ومزدحمتان بالسكان وفي ظل توسع مستمر خاصة في تبن التي تظم عدداً كبيراً من المناطق والقرى، وهو ما يعني أن هذه المحكمة تعمل عمل محكمتين، والأصل أن تكون هناك محكمة في الحوطة ومحكمة في تبن، أو محكمة لشرق الحوطة وأخرى لغربها، ويستحسن ذلك لتخفيف عدد القضايا، ومن الأسباب أيضاً ما هو عائد على القاضي نفسه نتيجة لكثرة الغياب وكثرة التأجيل، وتحديد عدد بسيط من القضايا لينظرها في اليوم الواحد، الأمر الذي أدى إلى تراكم القضايا وتأخيرها، وأحياناً يعود السبب للمحامين لتطويل فترة النزاع.
صورة من المجمع القضائي بالحوطة بعد تفجيره في 2016
صورة من المجمع القضائي بالحوطة بعد تفجيره في 2016

كيف وصلتِ إلى منصبك الحالي؟
وصلتُ إلى هذا المنصب من خلال التدرج الطبيعي لعملي، حيث تخرجت من كلية الحقوق بجامعة عدن عام 89م، والتحقت مباشرة بالسلك القضائي، حيث عملت في البداية بقسم التوثيق وكنت أول من أسس هذا القسم بالمحافظة، ثم حصلت على درجة مساعد قاضٍ ومن ثم قاضٍ جزائي للعمل في السلك القضائي للنظر في القضايا، ونتيجة لاستمرار خدمتي الطويلة وإنجازي لعدد كبير من القضايا، وصلت إلى ما أنا عليه اليوم بدرجة نائب أول رئيس محكمة عليا وأطمح للمزيد.

هناك نساء رائدات في العمل القضائي، أليس كذلك؟
نعم توجد نساء رائدات في القضاء وصلن إلى أعلى المناصب، ومنهن من يحملن مناصب قيادية كبيرة أمثال القاضي أفراح بادويلان، رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، والقاضي إكرام، والقاضي عيشة هائل، وهن من أوائل القاضيات.

ما تعليقكم على تلميح بعض القيادات حول إعطاء القاضيات منصب رئيس محكمة؟
تبوّء المرأة منصب رئيس محكمة ابتدائية أمر طبيعي جداً، وليس في ذلك أي إشكال أو مانع شرعي أو قانوني، في حال كانت مؤهلة لذلك ولديها الخبرة والكفاءة التي تمكنها من أداء عملها كرئيس محكمة باقتدار ونزاهة، والواقع العملي قد أثبت قدرة وجهد المرأة القاضي في تحمّل مناصب قضائية ذات درجة عالية من درجة رئيس محكمة ابتدائية، فعلى سبيل المثال تولت القاضي رئاسة نيابة استئناف أموال عامة، ورئيسة نيابة عامة في عدن ولحج، ورئاسة شعب استئناف ورئاسة محكمة أحداث وضرائب، ورئاسة شعبة في محكمة استئناف لحج، ورئيس محكمة ابتدائية في عدن، فليس هناك ما يدعو للتعجب والغرابة، إلا في لحج فإننا لا نعلم لماذا لا يعطى منصب الرئاسة في المجال القضائي لامرأة رغم كفاءتها ونزاهتها في العمل وبروزها والكل يعلم ذلك؟

كيف تنظرين إلى دور المرأة في القضاء؟
دورها في القضاء إيجابي مثلها مثل دور الرجل القاضي؛ بل أثبت الواقع العملي والكثير من ميادين العمل القضائي بأن المرأة كانت أفضل من الرجل كفاءة ونزاهة، ودورها في القضاء عموماً والقضاء اليمني خصوصاً دور رائد جداً، وذلك لأنه ليس في العمل القضائي أي قيود أو عيوب أو موانع شرعية أو قانونية أو حتى عرفية تحدّ من دور المرأة في العمل والإبداع في هذا المجال، فدورها هو الأقدر في فهم النزاع والفصل فيه بحيادية أكثر، وبحكم أقرب للعدالة إن لم يكن عادلاً.

كلمة موجزة تختتمين بها هذا اللقاء؟
أشكركم للفتتكم الكريمة بإجراء هذا اللقاء لتسليط الضوء على دور المرأة في مجال القضاء والعديد من القضايا و «الأيام» لها دور في نصرة المرأة ودعمها منذ تأسيسها.​