> صالح سالم عمير

 
صالح سالم عمير
صالح سالم عمير
للشيخ العم ربيع بن عوض بن عبيدالله مكانته الاجتماعية الرفيعة بين قومه في الوادي، ومساهماته العديدة المتنوعة في أوساط  مجتمعه على أكثر من صعيد، فقد اقترح فكرة إقامة دكان تعاوني باسم الأسرة (أسهم)، وعندما تم إنشاء الدكان تولى إدارته، وأصبح يدير (معرض الكويت) 1971 في سيئون، عندما عاد إلى البلاد من الكويت، وعمل في الزراعة والعناية بالنخل وأعمال البناء، ونَظم الشعر، وشارك في أشعار جلسات الدان والقناصة والعدّة (الشبواني) والقصائد  الاجتماعية (المُسرّحة) وأصدر الديوان الموسوم "المزارع بين الأمس واليوم وملكة الأشجار" 2003، وألقى بعض المحاضرات الأدبية والشعرية لسعة مادته وغزارة معلوماته في مجال الموروث الشعبي الحضرمي عظيم القيمة بالغ الأهمية المتعلق بالزراعة، وساهم في السجالات  والمناقشات والحوارات الثقافية من خلال نشاطه في اتحاد الأدباء والكتاب بالوادي، وفي بعض الدواوين والمنابر الثقافية والاجتماعية الأخرى، وهو المتحدث اللبق البليغ الفصيح، والشخصية الاجتماعية المحبوبة المبادرة والمشاركة في أغلب فعاليات ونشاطات مجتمعه.

وقد وصفه أ. علي أحمد  بارجاء بأنه "الفلاح الشاعر الجليل الحكيم".
وأضاف: "إذا كان ثمّة مِهنة يبرز فيها الحُكماء، فإنّ تلك المِهنة هي الزراعة". ووصف بارجاء منظومة "المزارع بين الأمس واليوم" بأنها "وثيقة تاريخية بالغة الأهمية نظمها الشاعر عن خِبرة ودراية بشؤون الزراعة التي مارَسَها في شبابه، مستفيدا ممن هم أكثر خبرة منه".

وكان للسفر الأثر العميق في تحريك قريحة العم ربيّع، فنظم الكثير من القصائد المُسرّحة تتعلق بالزراعة والقناصة وغيرها، وفي آخر كتابه الموسوم "رحلة الكويت وصحبة الوفاء"، والذي منحني شرف كتابة مقدِّمته، مُلحق من قصائده العامية المُعبّرة عن رؤاه ونظراته الوطنية والقومية المتواكبة مع روح العصر، ومع ما تقتضيه الشريعة الإسلامية الغراء، والتي يتغيّا من خلالها التثوير والتنوير والتوق إلى حياة الاستقلال والتطور والتنمية والحياة المدنية، فقد هذبته الغُربة وخَبـَر فيها الحياة، واحتك بالآخر واستفاد منه وتنورت أفكاره وتبلورت ثقافته، وأصبح بمقدوره التعبير بالشعر عما يختلج في نفسه من انطباعات وآمال وتطلعات خاصة وعامة، فبالرغم من همومه الخاصة في غربته لم تغب هموم الوطن عن ذهنه، وعكست قصائده الحس الوطني المبكر  لديه يقول:
شايف مصير الحضرمي مجهول من بـُدّ الأمم
الناس في عصر الفضا واحنا على رعي الغنم
وفي أوائل الستينيات مع اندلاع ثورة 14 أكتوبر يقول مُحرّضا على الكفاح:
وين الذي يتنشـّق الباروت في الجو لا قتم
ويساعد اللي في جبل ردفان يفديها بدم
يفدي بروحه للشرف والعز ولرفع القيم

وأيضا يتوجه في قصائده إلى الأهالي وأولي الشأن، والكل ميالون للصلاح والفلاح والتعمير والنهوض بالبلد أن يوجهوا عنايتهم  لنشر العلم، فهو الذي يُحرِّر الشعوب من الجهل والخرافة والترّهات والخزعبلات والاستبداد والقهر والاضطهاد:
وتسلحوا بالعلم لأنه حُصن من فوق الحصون
ويقول في قصيدة أخرى على الزامل:
ودخلوا منهج العلم في كل الميادين
كفاية من زمن مرْ ونحنا كالمساجين
وبسبب الجهل بات أكثرية المغتربين خدما في الخارج:
سائد علينا الجهل في الخارج ترى أكثرهم خدم
 
ويشير لجور الحكام بالأمس مما يدفع الشباب إلى التغرب والشتات والإقامة في الخيَم فيقول:
كلْ من ولِيْ سلطةْ سكتْ ساكت تقول إلا صنم
وكلّ حُر صابر على تغزيز من شوك السَلَم
شبابنا قد هجروا الأوطان وامسوا في الخيَم
ويتمنى الشاعر بعد قيام الثورة أن يكون في بلاده:
ذا يوم عيد لكلْ يحتفلون به ويباركون
يا ريت نحنا عندهم نهتف مع اللي يهتفون
نشاهد الأعلام لا قدها ترفرف على الحصون

ويدعو وهو الرجل الفلاح  الثوار إلى نظام حُكم قوي يُؤسَس على قواعد مدنية صحيحة وديمقراطية، يقول:
قودوا سفينتكم إلما البر حتى توصلون
وسلّموا المفتاح للثاني وأنتم تضحكون

ولا ينسى أن يعرّج على متاعب ومصاعب ومشاق الغربة:
نشكي من الغربة وجملة مثلنا يتغرّبون
من تشرق البيضاء وهم في أعماله ما يتكبّدون
ولا ضووا للدار على طبخ العشاء يتعالقون 
هذا عليه الحوش والثاني لتغسيل الصحون​