> سالم فرتوت
أي والله كانت جنية، روعتنا تلك الليلة وليالي بعدها! تتسلق شجرة المريمر التابعة لذلك البيت الواقع على الطريق العام.
كان بيتاً عتيقاً من الطوب، ملحقة به حديقة مسورة بأسلاك وشباك حديدية وبالقش، ولسنا نعلم من أول من اكتشف وجودها في قريتنا التي قيل لنا أنها كانت مخزنا للجن قبل أن يستوطنها آباؤنا! وإن أحداً ما كان ليجرؤ على المرور وسط أدغالها بعد المغرب.
تشتتنا ونحن نجري، يردد الليل وقع أقدامنا المذعورة. طاردتنا الجنية أو ذلك ما خيل لكل واحد منا.
كنا نجتمع هنا كالعادة على هامش الرصيف الإسفلتي حيث تقبع عربة خشبية مقلوبة، قد غاصت جوانب هيكلها و يجلس بعضنا على سطحها الحديدي الصدئ، وبعضنا الآخر يفترش الأرض.. نلعب الورق، أو نتبادل أحاديث شتى. نسهر حتى ما بعد منتصف الليل.. كنا أكثر من خمسة عشر شخصاً، من أعمار ومهن مختلفة. فينا المدرس العلماني والمشتغل بالصحافة وكاتب الحسابات وطلاب الجامعة، وشباب يتناولون القات مع بدء الليل حتى الفجر.
المهم أنه ما من أحد استطاع أن يثبت لتلك العفريتة إلا شفيق (ذو السابعة عشرة عاماًٍ)، لكننا لم نعرف ذلك منه، وإنما كشفه لنا آخر.. فإن تلك الجنية مجنونة بشفيق. إيه ويا لها من جنية تمنى كثير منا، فيما بعد، لو خصته هو بعشقها! كانت تتعمد إبعادنا عن المكان لتتمكن من الانفراد بمحبوبها هي الجنية العاشقة التي تبدو بسبب طول قامتها أنها أكبر من بنت 13سنة بسنتين.
إيه يا بنت الجنية فعلتها فينا ليلة وثانية وثالثة!. قالت: "صدقوا أن جنية تظهر في بيتنا وسويت نفسي ذيك الجنية ألبس فوق ثيابي ثياب جدي وعمامته خليها فوق رأسي كما الكود".