صدم اليمنيون، صباح الجمعة الماضية، بتلقيهم خبر الإعلان عن حالة إصابة بفيروس كورونا في مديرية الشحر بحضرموت، في وقت كانوا ينتظرون سماع خبر امتثال أطراف الصراع والحرب في بلدهم لدعوات ومبادرات السلام لوقف الحرب، وكان لخبر اكتشاف الحالة المصابة وقعها المؤلم على نفوسهم، الذي يخبرهم بوصول الموت الجماعي المنتظر لهم، لإدراكهم خطورة انتقال فيروس كورونا إلى بلدهم الفقير، الذي تمزقه الحرب ويفتقر لإمكانيات مجابهة ومحاصرة انتشار وباء عجزت عن مواجهته بلدان عظمى تمتلك قدرات وإمكانيات وتقنيات صحية هائلة، الذي لا يقارن حجم هلاكه البشري، مع أي كارثة أخرى أو حتى مع أعداد الضحايا الذين تتسبب الحرب في إزهاق أرواحهم، فالكل يتساءل: ما عسى بوسع اليمن الفقير أن يفعله، وهل سيفاجئ العالم بلقاح يخفف خطره؟.
اجتاحت اليمن أمراض وفيروسات قاتلة كالجذري والطاعون والكوليرا والملاريا في القرن الماضي، ففي الجنوب لم تتساهل السلطات البريطانية في تنفيذ إجراءات وقائية صحية شديدة لحماية السكان، ومنها: رش وتعقيم وتطهير البيئة وإخضاع الوافدين لمدينة عدن في المنافذ البرية والبحرية والجوية لإجراءات صحية وقائية، ونتذكر جميعاً تلك الحماية الوقائية في نقطة رقم (6) في دار سعد، وانشاء المحجر الصحي في جزيرة وسط البحر، قبالة التواهي، للحالات المصابة بالأمراض المعدية، كالجذري وغيرها، وورثت سلطات عدن فيما بعد هذا النظام الصحي، واستمر العمل بجزء منه، إلى وقت قريب من ثمانينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى عمل البعثات الطبية الكوبية ما أوجد ظروفاً ساعدت على محاصرة تلك الأوبئة والأمراض، رغم آلاف الضحايا التي خلفتها، وربما كان لحالة شبه الاستقرار المجتمعي وعدم اشتعال الحروب لفترات طويلة عامل مساعد في تخفيف خطورة تلك الأوبئة.
لم يعد توجيه اللوم للسلطات نافعاً، كمحاولات ترقيع قربة ماء مثقوبة، بات يصعب ترقيعها لمواجهة أي خطر في بلد يبالغ أبناؤها كثيراً في اتخاذ إجراءات وقائية كفيلة بمنع دخول وانتقال فيروس كورونا إليه، وتستمر أطراف الحرب بمغالطتها للشعب وللعالم أجمع بأنها تسعى للسلام، حتى صار يواجه العسرين معا، (الحرب) التي لن يداويها إلا سلام الشجعان، و(كرونا) الذي لا زال العالم يبحث عن لقاح لمواجهته، فلا يملك اليمنيون إي خيار يخفف خطورة الوضع، وهم ينتظرون الموت الجماعي، إلا اختيار لقاح السلام كسلاح لمواجهة كورونا.