المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين الفريقين الإنجليزيين تشيلسي ومانشستر سيتي كانت حرباً استنزافية أشبه بالحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات مع الفارق في الأهداف والغايات.
ووجه الشبه بين حربي الكرة والسياسة أنهما لعبا على عامل التكتيك، مع مراعاة أن حرب نهائي مدينة (بورتو) البرتغالية محددة بوقت وحكم و (فار) يحصي أنفاس المخالفين، فيما حرب اليمن تعد الأطول في تاريخ الحروب والكروب الحديثة، فهي حرب علمنا وذقنا مرارتها ولا بارقة أمل بنهايتها أو التنبؤ بالمنتصر فيها.

خيل لي أن المدرب الذي يراه الكثيرون أعظم مبتكر في تاريخ الجلد المنفوخ على الأقل في الألفية الثالثة لم يستوعب الخطأ التكتيكي الذي وقعت فيه قيادات يمنية شرعية ترفض منطق الخط المستقيم، وتصر إصراراً على الدوران حول الكرة الأرضية للوصول إلى صنعاء من بوابة عدن.

لقد فرط (جوارديولا) في مواقع ونقاط حساسة انسحبت منها قواته في العمق إلى الأطراف لدواع تكتيكية غير مفهومة، وهو خطأ مستنسخ من خطط جيش الشرعية التكتيكية، فمع خسارة الجيش الليموني لموقع جديد يطلع علينا المتحدث الرسمي يبشرنا بأن التقهقر إلى الخلف منهج تكتيكي عسكري لا يفهمه إلا من في فراسة وذكاء (تشرشل) و (ديجول).

يبدو الطريق المستقيم بين نقطتين هو الخط الأقل كلفة لإنهاء حرب اليمن عسكرياً، لكن القيادات تنظر لهذا الخط المستقيم بنفس نظرة (جوارديولا) لنهائي دوري الأبطال.

ومنذ انطلاق عاصفة الحزم والجيش اليمني يدور ويلف في بقعة جغرافية ملتوية لا تقود إلا إلى متاهة علي بابا والأربعين حرامي، وهي متاهة الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، فلا المخرج السياسي تنبه إلى حقيقة أن أقصر الطرق بين نقطتين ملتهبتين هو الخط المستقيم، تماماً مثلما أن (جوارديولا) خانته ابتكاراته، فقد عمى عيون لاعبيه بحجة تكحيلها.

لا يختلف حال (جوارديولا) عن العسكريين الشرعيين الذين يخططون ويبرمجون ويدفعون بقواتهم إلى رقعة حرب حارقة كالجمر، والنتيجة (لاني بنائم ولاني بصاحي)، سبع سنوات وهم على نفس الموال، فيما الخصم يكسب أرضاً جديدة صرخاته بتردد صداها داخل ضواحي مأرب.

صحيح أن (جوارديولا) يراعي الوقت دائماً حتى وهو يلعب في شوط المدربين بطريقة (يا طابت يا اثنين عور)، إلا أنه على الأقل لامس تخوم تطلعات محبي مانشستر سيتي ودغدغ مشاعرهم برؤية ذات الأذنين، على عكس القيادات العسكرية اليمنية التي خلقت أزمة تموين في الكباش والدجاج الكنتاكي المجمد من خلال اعتناق طريقة (حجر وسيري سائرة ولا تكوني حائرة)، وهي طريقة تؤكد أن الوصول إلى صنعاء من رابع المستحيلات.