> «الأيام» العرب:
تسعى تركيا مرة أخرى إلى تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية المتراكمة بالتركيز أكثر على المحاور الإقليمية، فالصومال يبدو هدفًا استراتيجيًا وهي تعمل للتأثير السياسي من بوابة الدعم الأمني والعسكري والاقتصادي بغية تأمين حلفائها في السلطة الجديدة، وبالتالي تكريس نفوذها في القرن الأفريقي.
تشكل محاولة تركيا إعادة صياغة أجندة تراعي مصالحها في الصومال في خضم التحولات الإقليمية والدولية، أحد الأهداف الرئيسية التي تعمل عليها الآن لتقوية نفوذها في القرن الأفريقي.
ويحاول شيخ محمود من خلال الزيارة البحث عن دعم إنساني تركي لتجاوز الأزمة الإنسانية الراهنة التي تضرب البلاد، في ظل تراجع الدعم والمساندة الدولية، فيما تريد أنقرة الحصول على مكاسب من البوابة الأمنية.
محمد أبتدون: بحكم العلاقات أنقرة ستكثف تعاونها الأمني مع مقديشو، وتشير السياسة الخارجية المنتهجة من قبل تركيا في ظل قيادة الرئيس رجب طيب أردوجان تجاه الصومال، إلى مدى إدراك أنقرة لأهمية هذا البلد لمصالحها الاستراتيجية.
وحاولت تركيا طيلة العقد الماضي تقديم نفسها كفاعل مهم في المسار السياسي المعقد، الذي لا يزال يواجهه الصوماليون بصعوبة بالغة، لكن يبدو أن استمالتها لمقديشو في هذا التوقيت لها ما يبررها، فهي تكشف عن مدى ضيق هوامش المناورة بالنسبة لها، والذي أبانه توددها إلى السعودية والإمارات ومصر في الفترة الأخيرة.
ويقول محللون إن الملف الأمني لا يقل شأنا عن الوضع الإنساني، فشيخ محمود يسعى لكسر شوكة حركة الشباب المتطرفة، التي لا تزال تعرقل جهود استقرار البلاد.
وعملت تركيا في سياق ترسيخ نفوذها في القرن الأفريقي وضمان منفذ على البحر الأحمر على زيادة الاهتمام بالملف العسكري بالصومال، من خلال إقامة قاعدة دائمة، فضلا عن مراكز للتدريب.
وكان البرلمان الصومالي قد انتخب في منتصف مايو الماضي شيخ محمود رئيسا للبلاد لولاية ثانية، بعدما قاد البلاد سابقا بين سبتمبر 2012، وفبراير 2017.
ويقول الخبير العسكري المتقاعد شريف حسين إن معضلة الأمن مشكلة أعاقت جميع الحكومات المتعاقبة، حيث لا يمكن إنجاز أي مشروع محلي دون استباب الأمن، وهو ما يجعل هذا الملف ضمن أولويات الإدارة الحالية.
ومن الواضح أن شيخ محمود بحاجة إلى تعاون عسكري لدحر مقاتلي حركة الشباب المتشددة، التي استعادت نفوذها بعد تراجع العمليات العسكرية ضدها في السنوات الماضية.
وتروج تركيا لنفسها بأنها من بين الدول الرائدة في صناعة الأسلحة الحديثة، وبإمكانها تعزيز دعم مقديشو العسكري بما يرجح كفة الجيش الصومالي ضد المتطرفين.
ويرى محللون أن الزيارة ستحرك المشاريع والعشرات من الاتفاقيات الموقعة سابقا بين البلدين ولم تر النور، وذلك لتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل بالصومال، حيث يتجاوز معدل البطالة 75 %.
وقال إن "الجانب الصومالي يأمل في أن تقف تركيا إلى جانبه لتجاوز محنته الإنسانية والأمنية التي يعيش فيها منذ فترة".
وتابع، "بحكم العلاقات يتوقع أن تنفذ تركيا خلال المرحلة القادمة مشاريع إنمائية جديدة، والتعاون مع مقديشو في المجالات الأمنية".
وتعد قضية إقليم صومالي لاند من الملفات التي ينتظر من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود تحريكها بعد سنوات من الجمود.
وفي وقت سابق هذا العام، قال محمد يلماز، السفير التركي لدى مقديشو، إن "تركيا مستعدة للعب دور الوسيط بين الصومال وصومالي لاند، لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وهو ما يعكس مدى جدية تركيا لتحريك هذا الملف".
ويقول محمد عبدي شيخ، الصحافي والمحلل السياسي، إن "ملف صومالي لاند يعد من المعضلات السياسية التي تشهدها الصومال منذ عقود"، مشيرا إلى أن "الإدارة الصومالية السابقة لم تتعامل بجدية مع هذا الملف، وهو ما عطل استمرار المفاوضات بين الجانبين".
ومنذ عام 1991، يتمتع إقليم صومالي لاند بحكم ذاتي، ويطالب باعتراف دولي بانفصاله الكامل عن الصومال، لكنه حتى الآن غير معترف به رسميا كدولة.