قبل يومين تحديدًا أتحفاني كل من العزيزين دومًا، العزيز بدر محمد ناجي والأخت العزيزة دومًا رضية شمشير بفيديو عن الصهاريج، عن صرح مصور، عن تحفة تناستها مناوشات عصر الإبادات وآفات البوازيك والدبابات، وإفك الذي يأتي ولا يعطي للدهر أي إضافة لأي معنى للتجلي، لكنه يترك على الأرض مجرد بصمات، بصمة هنا تقتل وهناك تنهق أرواح وحوش، ما كان لها أحلام أو تحلم يومًا أن تقول لمدينة الصهاريج قولًا جميلًا..
أقول والأسى والحزن يجتاحان المدى، يجتاح المدينة، فقد رحل عنها رجل كريم له روح كريمة، راحت تبث تحت سفح شمسان الجبل أحزانًا تناديك "يا زمنًا تناسى كل شيء جميل"، تجادل ما تبقى من نفس من رمق بجسد المدينة بهيكل صهاريج أهلكها النسيان والعبث.. عبث القوارح... تهافت مخالب النهب والتسلق على جداريات متحف تاريخ جميل... رحلت أيها الشفق شامخًا مثل شمسان الجبل، تنادي.. كفاكم يا من تخنقون ما تبقى من جمال، راحل أنا وشمسان والصهاريج في عهدة تاريخ عظيم.

وهأنذا صامت أتعبد بعين تجول تسأل أهكذا كنا وهكذا أبدع من قبلنا هندسة قبل أن يفتح الآخرون كراريس علم الكلام وليس قبل يتفقهوا هندسة علم السدود؟
كان الشريط الذي وصلني من عزيزَين كما أشرت، عزيزَين تعز عليهم مدينة كانت من أمهات المدن علمًا وهندسةً وتمايزًا فيما لم تتمايز به غيرها من مدن.
لذا كرمها الرحمن فكانت على الأرض جنات عدن تجري بها أنهر من ماء زلال له منحدرات أجاد اهل المدينة نحتها فصارت لوحة تسرُّ الناظرين إن شاهدوها جنة على الأرض قالوا سبحانك ربي، عظيم أنت، وما شاء فعل.
فمن يا ترى يعيد له الرونق ويصنع من معانيه تاريخًا كان بديعًا عظيمًا وينبغي أن يظل دومًا جميلًا.