تشهد العاصمة الجنوبية عدن في الأيام القادمة حدثا يتم الترتيب والإعداد له، ينبثق عنه إعلان الميثاق الوطني الجنوبي، إلى جانب ملفات أخرى ظلت تدور في حوارات النخب الجنوبية، التي يهمها استقلال الجنوب ووضعه في مكانه الصحيح، مع بواكير ميلاد نظام دولي جديد يتمخض وتتضح معالمه السياسية والاقتصادية والتحالفية.
مايثير الاستهجان أن ينبري من يرفض الحوار الوطني الجنوبي، فما هو البديل للحوار؟ إما أن الرافض لايزال منغلق في الشمولية ولا يسمع صوتا إلا صوته ولا يقبل رأيا إلا رأيه وإن ادّعى التهميش والاستبعاد، أو أنه مازال موالٍ للعفاشية اليمنية، أو الإخوانية اليمنية أو الحوثية اليمنية، ويستحلب مشاريع لم تؤمن بها القوى اليمنية الثلاث، وإن تكلّمت عنها فإنها تستخدمها "كقميص عثمان" أو أن البعض مازال يراهن أنه سيأخذ الجنوب بالحد والحديد.
اتهموا الانتقالي بأنه إقصائي رغم أنه ليس حزبا بل كيان يضم شخصيات متنوعة سياسيا، يجمعها هدف التحرير والاستقلال، وظلوا يرددون ذلك وما قدموا بديلا حواريا للجنوبيين. وأثبت الانتقالي أنه يريد جنوبا يتسع لكل الجنوبيين،لا جنوبا للانتقالي فقط، فاتخذ مبادرة الحوار، وحاور ووصل إلى الجميع ولم يحدد أو يفرض عناوين الحوار، بل ترك لكل جنوبي حتى ولو كان ظاهرة "واتس آب" أن يدلي بدلوه ويضع تصوره للجنوب القادم.
كل شيء يقبل القسمة على اثنين أو ثلاثة أو أو أو ...الخ إلا الوطن فهو مبدأ ثابت ومصلحة ثابتة، ومادونه ففيه خلاف روئ وتعدد مشاريع وتنوّع أجندات لذا فان الوطن واستعادته هي الأرضية والسقف، وإلا فإن البديل عن الحوار والتحاور من أجله يعني تسليمه لأعدائه، مهما وضع لذلك البعض من تاويلات وتخريجات.
المرحلة توجب على الجميع أن يدعموا ويصطفوا ويتعاضدوا ليس مع الانتقالي كيانا وطنيا جنوبيا، بل مع رؤيته في التحرير والاستقلال وأن تكون المناورات السياسية لكل الجنوبيين، من أجل هدف التحرير وأن يتعاضدوا مع حامل هذه الرؤية، حتى تتحقق مشروعا وطنيا على أرض الجنوب مع ضمان حق كل القوى الوطنية الجنوبية في الشراكة واحترام وقبول تعدد رؤاها في مستقبل الجنوب، وشكل دولته وحقوق محافظاته في السلطة المركزية والفيدرالية، فهذا هو أس وغايات النضال لتحقيق العدالة ومنع تهميش المحافظات في السلطة والثروة والوظيفة.