الأربعاء, 09 يوليو 2025
123
لم أتعود الكتابة عن الأفراد ممن هم على قيد الحياة إلا حينما يتعلق الأمر بمناقشة أفكار أو تفنيد مواقف سياسية أو تكذيب أقوال تجانب الصواب، لكنني أجد نفسي مضطرًّا هذه المرة لتناول واحدٍ من الشخصيات التكنوقراطية الجنوبية وأقصد هنا الأستاذ هشام شرف وزير الخارجية السابق في حكومة الانقلاب (الحوثي- العفاشي).
فهشام واحدٌ من التكنوقراط الجنوبي الذي يمتلك قدراتٍ إدارية ومهاراتٍ فنية لا يمكن الاستهانة بها؛ وهو من الكوادر الجنوبية التي كانت تتمتع بسمعةٍ محترمةٍ على الصعيد المهني والعلاقات الاجتماعية والإنسانية .
ولكم تمنيت أن لا يتورط أمثال هشام شرف في لعبة الانقلاب والانحيازات السياسية المتهورة وغير مأمونة العواقب؛ ولا أتحدث هنا عن الوطنية وثنائيات الصواب والخطأ والأمانة والخيانة، فهذه المفاهيم تظل نسبية خصوصاً في بيئة ملغومة بالالتباسات و المشاهد الضبابية المرتبكة والمفخخة بثقافة الاصطياد والتقنص وما يسميه أهلنا في عدن بـ"التدبيس" (من دبّس يدبِّس)؛ أي أوقع فلانًا في موقف عواقبه خطيرة وكلفته باهظة.
هشام ومثله العشرات من الكفاءات الجنوبية التي وقعت في فخ الانقلاب من منطلق الولاء المطلق لـ"الزعيم" الذي تصور أنصاره أنه مسنود بقوةٍ غيبيةٍ سحريةٍ غربية تجعله عصي على الهزيمة والانكسار؛ فكان وقوفهم مع الانقلاب نتيجة طبيعية لوقوفهم وراء الزعيم "الذي لا يُهزَم".
وحينما انقض الحوثيون على "الزعيم" وأردوه صريعاً كان الوقت قد تأخر لتصحيح الخطأ القاتل الذي وقعوا فيه.
وأتذكر هنا المصير المؤلم للزملاء (السابقين) حسين زيد بن يحيى وأحمد القنع وخالد باراس وغيرهم، عليهم رحمة الله.
آلمني خبر احتجاز الأخ هشام شرف في مطار عدن على خلفية نيته مغادرة البلاد إلى الخارج، وهي عملية لا تحتوي على أي بطولة أو إنجاز أمني خارق، لكنها يمكن أن تكون مشروعة في ما لو تعلق الأمر بأية قائمة اتهامات قانونية وأمنية تت٧لق بالأخ هشام.
لست متحيزاً إلى هشام شرف أو د. بن حبتور أو غالب مطلق أو أحمد غالب الرهوي أو ناصر با قزقوز؛ وهم جنوبيون وقعوا في فخ الانقلاب في أجواء سياسية ملتبسة ومشوشة من باب تأييد الزعيم ظالما أو مظلوماً، لكنني أدعو الإخوة في قيادة أمن عدن وقبلهم في النيابة العامة بعدن إلى التعامل مع الأخ هشام شرف وأي كادر جنوبي يقوم بمراجعة مواقفه من الانقلاب والانقلابيين؛ التعامل معهم من منطلق المواطنة أولاً ومحاولة إثبات القدرة على استقطابهم إلى صف الوطن ثانياً وإشعارهم بأن الجنوب يتسع لكل أبنائه؛ ما لم يرتكب أيٌ منهم ما يحرمه القانون والدين والأخلاق.
لقد استقبلنا القتلة والمجرمين ومن ساهم أو قاد عمليات التصفية الجسدية لآلاف الشباب الجنوبيين خلال ثورة الحراك السلمي أو أثناء الحرب على عدن؛ وما رشاد العليمي وطارق عفاش إلا نموذجين واضحين لعشرات النماذج المشابهة؛ فهلا اتسعت صدورنا لأهلنا وإخواننا الجنوبيين الذين يرغبون في العودة إلى جادة الصواب من أمثال هشام شرف وغيره ممن لم يطلق رصاصة واحدة في وجه أهله الجنوبيين.