حقق الحوثي اختراقات سياسية في مفاوضاته مع المملكة الجارية بمعزل عن بقية القوى المحلية وعن شركائها في التحالف.
إن ما تحقق في سراديب المفاوضات لم يصل إلى القضايا الاستراتيجية التي لن يغلقها أحد وفقا لمصلحته. فـ"للحروب أكثر من مموّن"، إنما الحوثي استثمر "غموض اللحظة" فتحرّك "الكل في واحد" سياسيا وإعلاميا وتعبويا ..الخ وعلى الطرف الآخر لم يكن "الكل في واحد" بل إن بعض السياسة الإعلامية حرفت دفة العداء لحلفائهم، فهو يعمل على استراتيجية صوتها عاليًا بحملات دعائية، واستثمار لـ"لحظة الغامضة "وتحميلها رسائل عبر أصوات متعددة، بعضها صريح بأن تهديدات الحوثي هذه المرة مغلظة، بقصف كل هدف عسكري واقتصادي في دول التحالف، وبشكل كلي ومرة واحدة، لأن الهدنة انتهت ولن نجدد مرة أخرى!!.
بعضها يدّعي الحيادية وبعضها الموضوعية، وأنه قد حذّر لتغليف الرسائل الحوثية وتمريرها، مؤكدا أنه حسم كل الملفات، وأن بقية القوى مجرد صدى لصوت التحالف، وبمجرد أن يرفع يده ويحقق سلاما مع الحوثي، فإنها ستنهار من تلقاء ذاتها بمجرد رؤية الاستعراضات العسكرية وترهيبها، وأنها استعراضات كافية لترهيب "الرياض" بأن حقول النفط ومشاريع رؤية 2030م في متناول اليد!! وهو توظيف إرهابي "بالوني" لعملية "الابتزاز"، فالسعودية ليست بالعجز الذي تهددها فيه استعراضات يعلمون حقيقتها، إنما لدى السعودية أولويات داخلية، بعد أن يئست من اليمنيين في تحقيق أي كسر للحوثي وهم أصحاب الشأن.
لو أن العمليات الجوية والصواريخ كافية لحسم أي معركة، لهزم التحالف الحوثي في السنة الأولى من الحرب، لكنه سلاح ترهيب أكثر منه سلاح حسم، والتحالف لم يفشل بسبب تلك الأسلحة، بل لعدم وجود الرجال للحسم في الجبهات. فلم يقدّم العنصر الشمالي ما يجب عليه، إما لمساومات أرادها من التحالف، أو لخطوط حمراء منعته!!
ترافقت الاستعراضات باستصراخه العالم من سوء الوضع الإنساني، وعن المرتبات وعن فتح الموانئ والمطارات..الخ وهي ملفات لن يأخذها مجانا ، "بلوشي"، حتى وإن كانت المفاوضات مع المملكة فقط ، فاستلامها "بلوشي" وصمة لن ترضاها المملكة لمكانتها.
إن العالم وحتى حلفاء الحوثي الذين استبشروا بانقلابه، وأنه أسقط عاصمة عربية، يريدون سلاما ليس "بالونة" إننا الدولة التي يريد أن يرسلها للعالم باستعراضاته السياسية والعسكرية والاعلامية، أما داخليا فالجميع يعرف بعضه بعضا، ويعرفون حجم وقوة بعضهم بعضا، وإلى أين سيصل في ترهيبه؟