هل توقفت يوما، وسألت نفسك، لماذا تكتب؟.
تعلمنا في دروس الصحافة أن الصحفي من نخبة المجتمع، ومن قادة الرأي، ولكن الواقع يعكس صورة يحتل التشويه مساحة واسعة منها.
الذين اختاروا أن يكونوا في مقدمة الصفوف، وقرروا تسخير ذاتهم من أجل الجنوب، ويعتقدوا أنهم يمثلوا شعبه، ومصيره، عليهم أن يؤمنوا أكثر من غيرهم، بأن الصحافة قضية، وليست فقط مجرد مهنة.
هل ساورتك نفسك لحظة، واخبرتك بألا ترهقها دفاعا عن قضية، وتسأل عن استقامة الناس، وتعافي المجتمع؟.
كان في الأمس ينتف شنبه، بعسس في الجاكيت الفاخر، وأخرج قلم حبر أنيق، ودون ملاحظة على وجه ورقة صفراء : " دائما ما يكون هناك مكان شاغر في ورشة التلميع، والحوافز مجزية ".
سجل شيئا على ظهرها، واعاد القصاصة، نظر فيها خبير الشطارة، ودسها بجيب سرواله الخلفي الفضفاض، وجلس عليها بمؤخرته الكبيرة.
لم يكشف يوما رده على الورقة، ولكني أظنه كتب: الكلمة الجبانة تطعن شعب، وينحني القلم عندما يتوسل، وينكسر إذا خان شرفه، ومهنة مقصك رخيصة، مع خالص احترامي للجراح، والخياط.
لا يكفي أن تتدلى نظارتك على آرنبة أنفك، وتحشر قلما خلف أذنك، النجار أيضا يفعل ذلك، مع كل احترامنا للمهن الشريفة.
الذين اختاروا أن يكونوا في مقدمة الصفوف، وقرروا تسخير ذاتهم من أجل الجنوب، ويعتقدوا أنهم يمثلوا شعبه، ومصيره، عليهم أن يؤمنوا أكثر من غيرهم، بأن الصحافة قضية، وليست فقط مجرد مهنة.
هذا الطابور الطويل من الأبواق النضالية الذين يجروهم خلفهم، والقنوات، والنقابات، والصحف، والمواقع، وفرقة المؤيدين الذين يصرفوا عليهم، ما دورهم في المواقف الحرجة؟، حتى أننا لم نسمع طبولهم !.
لن نحملهم فوق طاقتهم، ونعفيهم من استعادة الجنوب، ولكن نريد نطمئن على القيادة، ويخبرونا عن حالهم، وأين اختفوا؟، وماذا وراء صمتهم؟، فشعبهم كاليتيم الذي ينتظر (جعالة) العيد من الذي يحتل دار أبوه !.
قال : الشطارة أن تقص قماشة على مقاسك، والفهلوة أن تفصلها على مقاس وجوههم، وكراسيهم.
كنت اسمع صفير حشرجة في عنق الزجاجة، عندها نكزت كتف صاحبي ، وسألته : هل قلت انصرف أم ... !.
غادر، ومر بدهاليز كثيرة، وعند الباب الأخير، بصق ومضى.