يصادف يوم غد الذكرى السابعة لإعلان عدن التاريخي، والاحتفاء به احتفاء بإرادة شعب الجنوب وتوقها للاستقلال، وعدالة قضيته ودماء شهدائه التي أُرِيقت لأجل ذلك الهدف، معانيه عميقة ومفصلية في وجدان كل جنوبي يهمه الجنوب وحريته واستقلاله.

تأسس عن هذا البيان المجلس الانتقالي حامل سياسي خاض ويخوض المعترك السياسي ندًّا جنوبيًّا بدون مواصفات اليمننة واشتراطات نخبها وانخرط في تأسيس عمل سياسي، لا نقول إنه حقق الأهداف، لكنه يسير في المضمار السياسي ويتوطد بثقة لتحقيقها، ويتمتع بسيطرة قوية في الجنوب لا تنافسه فيها أي قوة، وهذا هو أهم معيار لتحديد ملامح المستقبل، فانخرط في تطوير القوات الجنوبية التي هي صمام القوة التي تؤرّق أعداء الجنوب، وصارت شريكًا دوليًّا في محاربة الإرهاب، ولم تعد صنعاء تقوم بتخليقه وتدويره ودعوى محاربته واستثماره في الجنوب حيث ظل طيلة العقود الماضية أهم ممسكاتها لإمساك الجنوب بتنميطه دوليًّا وإقليميًّا أنه منطقة إرهاب وأنها الوحيدة القادرة على محاربته.

بيان عدن التاريخي عالج خللا بنيويًّا في الحركة الوطنية الجنوبية ففي مراحل ما قبل الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية ظلت أحزاب صنعاء ومؤسساتها الأمنية تختلق التمثيل الجنوبي بمواصفاتها فلا تتجاوز فيها الشراكة الجنوبية شراكة صورية أو مشاركة في الفساد بما يتفق وأجندتها وصارت الأحزاب اليمنية هي الأصل والوجود الجنوبي مجرد ظل وصدى لها، وحتى أيام الحراك السلمي لم تتبلور المكونات الجنوبية وتخلق حاملًا وطنيًّا للجنوب بل ظلت القضية عادلة يتنازع تمثيلها مكونات تهمها الواجهة أكثر مما تستوعب الامتداد الوطني واستيعاب تنوعه وجاءت المقاومة الجنوبية التي سجلت ملاحم أسطورية ضد الاجتياح الحوثي وهزمته لكنها سلّمت انتصار الجنوب للشرعية اليمنية لأنها مقاومة كالثورة السلمية لا حامل سياسي لها.

جاء بيان عدن التاريخي والظروف الموضوعية والشروط الذاتية في الجنوب العربي مهيأة له إلى حدًّ ما وتم إشهار المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استطاع أن يستوعب معظم الامتداد الوطني وتنوعه بقدر ما سمحت ظروف مرحلة إشهاره وظل ومازال منفتحًا للحوار على قاعدة الميثاق الوطني لاستيعاب كل من يهمه تحرير واستقلال الجنوب بل والقوى النخبوية الجنوبية التي ارتبطت مصالح بعضها بنخب اليمننة فالجنوب يسع الجميع ويضمن مصالح الجميع.

ما زالوا يراهنون على مقولتهم "ولد ميت" ويراهنون على زواله من الساحة عبر الضغوط المتنوعة ووسعوا حربهم في الخدمات التي تمس حياة الناس ويختلقون الاختلاقات وحملات التحبيط لكن جذوره ثابتة ثبات القضية الجنوبية وعدالتها، وحلمهم بالعودة لباب اليمن من المستحيلات، لأن باب اليمن صار مستحيلًا عليهم وهم يعلمون ذلك، فما فشل السلاح في تحقيقه لن تحققه منظمات العمل المدني.