لسنا جميعاً من خبراء الاقتصاد وعلم الإدارة، لكن الله منحنا عقلا نتفكر به وندرس ما حولنا لنقرر ما نريد وما سنفعل وما هي خطواتنا المستقبلية لنبني أساسا متينا نقف عليه حتى نستطيع تجاوز هذه المرحلة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية من عدم استقرار العملة وأسعار الصرف إلى رفع أسعار المواد الغذائية إلى أزمة الرواتب وضعف التعليم وتدهور قطاع الصحة إلى مشاكل الكهرباء والماء.. كلها تدفع إلى اتباع آلية للحفاظ على ما هو موجود من المؤسسات الحكومية والعمل على تحسين ما هو متهالك والحفاظ عليه والسعي إلى إحداث تغييرات وتحسينات للحياة المعيشية للمواطنين، لنتمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة والحساسة.

فالواقع يقول ليس هناك سياسة تقشف وتقليص نفقات وليس هناك دراسات تلزم الجميع بالتقيد بها واتباعها، ما نلمسه هو ترهل بالهياكل التنظيمية للمؤسسات الحكومية من توظيفات غير مدروسة وعشوائية فيها من المجاملات والمحاباة ما لا حد له، فخلقت بطالة مكتبية واستحداثات لأقسام وإدارات ومناصب ليس لها داع، ولم تتم استشارة أهل الخبرة والاقتصاد لتقييم الاحتياج الفعلي من القوى العاملة والاختصاصات المطلوبة بما يتناسب مع نشاطات تلك المؤسسة أو الهيئة أو الوزارة، فشكلت عبئا ماديا وميزانية نفقات وصرفيات في ظل الركود الاقتصادي رمت بظلالها على ميزانية الدولة التي كان يمكن أن ترفد بها.

إن الهياكل التنظيمية لأي مؤسسة توضع بحسب النشاط الفعلي لها مع وضع في عين الاعتبار التغييرات المستقبلية وتطور نشاطها بما يتواكب مع التطورات العالمية، لكن بوضعنا الحالي وفي بلدنا أعتقد حدوث توسعات بالهياكل التنظيمية هي عملية تدمير سنشهدها وعجزا ماديا في تغطية النفقات، وهنا لا بد من إجراء عمليات تكميم ومحاسبة ومراقبة حتى لا يحدث السقوط المدوي.

إن الهياكل التنظيمية بعمر مؤسساتها تبدأ شبابية فتية وتنمو معها ومتى كبرت واتسعت وفقدت قواها ومقوماتها وظلت طريقها وتشتت أهدافها وصارت غاية لإرضاء أطماع البعض وذوي المصالح، انهارت المؤسسة وأضلت طريق العودة لأنها أضاعت بوصلتها.

نحن بحاجة اليوم لتدخل خبراء الاقتصاد والإدارة وتصحيح ما يمكن تصحيحه لنتفادى الكثير من الأخطاء ونعيد الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح، وهذا لن يحدث إلا متى تبنى القادة عملية الإصلاح الإداري والمالي، وأكدوا على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة وأقرو أجراء عمليات تكميم لهياكل ترهلت.