أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 02:36 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • اللواء بن بريك رسول الحكمة في حضرموت

    علي محمد سيقلي




    في مشهد استثنائي، طاف بالحكمة والوفاء، ترك اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك سرير المرض، متجاوزًا آلام الجسد ومعاناة الكلى، ليحمل هم حضرموت في لحظة عصيبة تتطلب الحضور لا الغياب، والتلاحم لا الفرقة.

    جاء الرجل الذي عرفته الساحات ميدانيًّا وسياسيًّا، لا ليؤدي دورًا تقليديًّا، بل ليضع النقاط على الحروف، ويجمع أطياف حضرموت تحت مظلة الحوار والعقل، حاملًا غصن الزيتون بيد، والصدق باليد الأخرى، ليقول كلمته للتاريخ: حضرموت تستحق أن نصغي إليها، لا أن نزايد عليها.

    خاطب بن بريك الحاضرين باسم القيادة الجنوبية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وباسم كل من تعاقبوا على حمل أمانة حضرموت، مؤكداً أن اللحظة تتطلب توافقاً حضرمياً صادقاً، لا إملاءات ولا دكتاتورية رأي، وأكد بصوت متهدج ودموع لم تخفها الملامح: "حضرموت لنا جميعاً، ومشاكلها لا يحلها إلا أبناؤها".

    رغم وطأة المرض، أصر على أن يكون حاضراً، لا ليقدم وصاية، بل ليطلب المشاركة في صنع تصور جماعي لمشكلات حضرموت وسبل حلها. دعا كل الحاضرين لأن يكونوا شركاء في صياغة المستقبل، شركاء في رسم ملامح الكيان الذي يليق بحضرموت الحضارة والكرامة، حضرموت التي لا ترضى أن تُقسم أو تُستغل.

    ومن قلب الاجتماع التشاوري، أعاد التأكيد على أن الجامع الحضرمي هو الصيغة الجامعة التي بُنيت لتضم الجميع: المتدين، والمنصب، والقبيلي، والمثقف، والمرأة والرجل، الأكاديمي والمزارع، فحضرموت لا تُختصر في حزب أو قبيلة أو نخبة، بل هي كيان جامع يسع الكل.

    وأضاف: "نحن لا نريد تشكيل كنتونات تجهض الحلم الحضرمي، بل نؤسس لحزب سياسي حضرمي خالص، ينبثق من ميثاق شرف يوقّعه الجميع، ويكون عنوانه: نحن الحضارم، نحن الحكمة".

    كان واضحاً في موقفه من كل الشخصيات الحضرمية المؤثرة، فأكد أن الخلاف السياسي لا يعني القطيعة المجتمعية، ودعا لاحتواء الشيخ عمرو بن حبريش وغيره من القيادات، لأن اللحمة الحضرمية لا تحتمل مزيداً من التآكل.

    "اريد بن حبريش عن يميني، وفرج سالمين عن يساري، وسعيد المحمدي، عن يميني، ومحمد عبد الملك، عن يساري، وكلنا عضد لبعضنا"، بهذه العبارة ختم رسالته الرمزية التي تختصر مسيرة رجل لم تضعفه العلة، بل قوّته المحبة والانتماء.

    إن رسالة اللواء بن بريك اليوم ليست مجرد موقف سياسي، بل هي دعوة متجددة للحكمة، دعوة لأن نصون حضرموت من الفتنة، وأن نكون رسلاً للسلام لا أدوات للصراع، دعاة خير لا ناطقين باسم الحقد، لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ولأن حضرموت تستحق منا أن نكون على قدر الأمانة.

المزيد من مقالات (علي محمد سيقلي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال