أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:43 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • الدكتور أحمد عوض بن مبارك .. جابر القلوب

    د. هشام السقاف




    الحق أقول: أن الظروف المحيطة بالدكتور أحمد عوض بن مبارك جد معقدة، قد تكون واقعًا مفروضًا لا شك في ذلك، وربما هي أبعد من فساد منظم يراد له أن يبقى إلى حين لا نعلمه، ويسأل عنه القائمون على البلاد بموجب الفصل السابع الذي في معطياته لا يشرعن لأي كان سواء مجلس الأمن أو الدول الراعية ولا التحالف وأذياله:

    بأن يظل شعب بأكمله في أسوأ حالات العيش بؤسًا وفقرًا و جوعًا، بينما يتم تسخير المال وأي مال بالعملات الصعبة لأفراد معدودين فقط؛ لأنهم حكام ما يسمى شرعية أو ما شابهها من سلطات الأمر الواقع، وفقط لأنهم لا ينطقون إلا بما يؤمرون به.

    ولكن حتى في هذا الواقع المرير كان الوزير الأول - على لغة زمان ولغة أهلنا في مغرب الوطن العربي - الدكتور أحمد عوض بن مبارك يستطيع كسر مغاليق القصر المعاشيقي المطل على بحر العرب من جهة، وعلى أحياء كريتر النابضة بالحركة رغم البؤس من الناحية الأخرى، وينزل إلى زحام الأزقة والشوارع متفرسًا في وجه عدن الجميل وناسها الطيبين: وجاهات مقصية وورموز سياسية مركونة ومثقفون خطوا في فضاء الثقافة سطورًا لا تمحى بالأمس واليوم على السواء: شعرًا ونثرًا وموسيقى وغناء، وهذه هي مفردات عدن العصية.

    وكأن الرجل يريد القول في محيط عمله المكهرب وربما الملغم: أنا أنتمي إلى هذا المكان وهذه الأرض التي عانت ما عانته من عقود، وأن لقائي بأبنائها نوع من رد الاعتبار لعدن: سيدة بحار الدنيا وخاصرة العالم ورئة الإنسانية ووجه الحضارة الذي يغيب بفعل فاعلين اليوم وحتى ما قبل اليوم.

    وقد تكون منتديات عدن التي تردد عليها، وحتى أكثرها تواضعًا من حيث القيمة المكانية لا القيمة الثقافية، هي الصوت الذي يريد ابن مبارك أن يسمعه دون رتوش أو تدخلات أو مغالطات، وما يستطيع هو أن يقدمه لمثل هذه التعبيرات الثقافية ليظل صوت عدن الثقافي الإنساني مسموعًا لا تنطفئ له نار.

    دخل الرجل أزقة وأحياء وأروقة عدن، وطرق أبوابًا لم يطرقها على أصحابها مسؤول من زمن بعيد. وفي دهشة من أهل الدار؛ وكأنهم يقولون له: أجئت لتشعل نارًا أم لتجبر خاطرًا؟! فكان جابرًا للقلوب بلا شك.

    سار نابليون بونابرت في شوارع برلين، بعد أن أخضع؛ لا ألمانيا فحسب بل أوروبا كلها، متحسسًا طريقه إلى بيت بعينه، ثم طرق الباب، ورفع القبعة فور أن فتح الباب العجوز (جوته) شاعر ألمانيا العظيم، صاحب (فاوست):

    ـ ومن أنت إذن؟

    ـ أنا من تلك القوة التي تريد دائمًا الشر فلا تفعل دائمًا إلا الخير.

    يستطيع الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيس الوزراء أن يكون قريبًا من ناس هذه المدينة، وأن يعيد ما استطاع لذلك سبيلا الابتسامة إلى وجوههم، وأن يلتفت إلى المحافظات القريبة من عدن مثل لحج وأبين كخطوة ثانية للاهتمام بالمنتديات والتكوينات الأدبية والثقافية والفنية... إلخ وهذا سيكون بمثابة رسالة إنسانية على طريق ترميم الجسور نحو نظام سياسي جديد، آت لا محالة بإذن الله، وفي وطن جديد لا يشبه ما هو قائم ولا يمت إليه إلا بالذكريات الحزينة، وسيكون له أجران إن أصاب وأجر إن أخطأ مع شرف المحاولة.

المزيد من مقالات (د. هشام السقاف)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال