يحتل اقتصاد كل من السعودية والإمارات المركزين الأول والثاني عربيًا، وذلك بناتج وطني إجمالي يبلغ حوالي 1030 و510 مليار دولار أمريكي على التوالي؛ ما يشكل نحو 44 % من الناتج الإجمالي العربي البالغ 3.5 تريليون دولار أمريكي، أما الوضع اليمني فبلغ الناتج الإجمالي حوالي 15-18 مليار دولار فقط، أي انكمش من نحو 45 مليار دولار أمريكي نهاية عام 2014م.

ويعتبر القطاع المصرفي في السعودية والإمارات الأكبر في المنطقة، حيث بلغت أصولهما (موجوداتهما) أكثر من تريليون دولار أمريكي لكل منهما، أي نحو 110% و 200% من الناتج الوطني الإجمالي لكل بلد على التوالي. بالمقابل وصلت أصول البنوك في اليمن إلى نحو 6.3 مليار دولار فقط، أي 30-35 % من الناتج الإجمالي اليمني.

وتقريبًا تكون الودائع متساوية في البلدين نحو 700 مليار دولار لكل منهما، بينما تبلغ في اليمن حوالي 4.8 مليار دولار أمريكي.

ويوجد في السعودية 30 بنكًا (11 وطنيًا و19 أجنبيًا)، وفي الإمارات 58 بنكًا (22 وطنيًا و36 أجنبيًا)، بينما يوجد في اليمن 16 بنكًا.

وتبلغ رؤوس الأموال والاحتياطيات للبنوك السعودية والإماراتية 65 و135 مليار دولار أمريكي بالترتيب، بينما في اليمن تبلغ 0.393 مليار دولار أمريكي.

في عام 2023 بلغت الأرباح الصافية للبنوك السعودية والإماراتية 18.7 و 21.6 مليار دولار أمريكي بالتوالي.

أما مؤسسات الصرافة، فعددها 63 في السعودية و74 في الإمارات، بينما لا توجد في اليمن.

يتمتع القطاع البنكي السعودي والإماراتي بمعدلات سيولة عالية، وكذلك في مؤشرات كفاية رأس المال التي تخطت متطلبات لجنة بازل 3.

وقد أقدمت البنوك الرئيسية في الإمارات على فتح فروع و/ أو الاستحواذ الجزئي/ الكامل للبنوك في المنطقة (خمس دول) ونجحت في ذلك نجاحًا باهرًا وملموسًا.

إذاً، رغم وجود ثروات نفطية هائلة في السعودية والإمارات، فإن القطاع المصرفي فيهما كان له النصيب الأكبر في إدارة وتوجيه هذه المقدرات نحو الاستثمار والتنمية الاقتصادية الشاملة.

بداية، يجب علينا أن ندرك أن في بلادنا، فإن أي خطوة، مجال، أو مبادرة (بأشكالها وأنواعها المختلفة) لا يمكن أن ترى النور وتتقدم دون توفر "الإرادة السياسية". بدونها يكون الأمر محكومًا بالفشل قبل أن يبدأ.

وفي حال أن تحققت هذه الإرادة يمكن أن تظهر مجموعة من الخيارات والتصورات للخطوات التالية، وفيما يلي بعض الأمثلة بإيجاز:

يبدأ القادة السياسيون بمسح أراء دوائر اتخاذ القرار السياسي في السعودية والإمارات بخصوص "العنوان" المقترح، وخاصةً أن حكوماتهما لها "ملكية" في معظم البنوك الوطنية المدرجة.

في حال تجاوب دوائر القرار السياسي المعنية مبدئيًا مع المقترح، يجب على كل من له علاقة مباشرة بالمقترح (وزارات الاقتصاد والمالية والبنك المركزي، إلخ) التحضير بالأسس اللازمة على أعلى مستوى ممكن لتغطية كل جوانب المقترح نفسه.

يمكن للبنك المركزي القيام بدراسة علمية شاملة لتحليل الأسباب الرئيسية للوضع الحالي للقطاع المصرفي الوطني وتحديد الأولويات للخروج منه. مثال على ذلك هو زيادة متطلبات رؤوس الأموال، وتطبيق الحوكمة الجيدة في الإدارة، والاندماج، وإغلاق البنوك المتعثرة، وزيادة الرقابة، وغيرها.

يجب أيضًا على البنك المركزي تلخيص تصوراته لأفضل الطرق والمخارج وتوضيح ما يُطلب وكيفية تحقيقه، سواءً كان ذلك بشكل كمي أو نوعي، لتنقل القطاع المصرفي الوطني إلى بر الأمان.

ومن أجل ذلك يجب على البنك المركزي أن يقوم بإعداد دراسة أولية تثبت جدوى المقترح، وأن مشاركة القطاع المصرفي السعودي والإماراتي هي ضرورة لا غنى عنها. تُعتبر هذه النظرية وسيلة رئيسية لإنقاذ القطاع المصرفي الوطني من وضعه الراهن، وبذلك ستعود الحياة إلى القطاع ويستعيد ثقة الجمهور بكافة شرائحه.

لكي يتحرك تدريجيا ويساهم في دوران عجلة الاقتصاد الوطني "المتوقفة" منذ أكثر من عقد.

- يطلب البنك المركزي من الجانب السعودي/ الإماراتي دراسة المقترح (الدراسة المبدئية) وإعطاء ملاحظاتهم غير المنقوصة (بدء من الرغبة المبدئية الى جدوى المقترح)، والطلب منهم وضع تصور عملي ومنطقي (إضافة/ حذف) وصياغته في هذا الصدد وخاصة أن لديهم خبرة الاستثمار في بنوك/ مصارف إقليميا (5 دول).

- يمكن لـ "دراسة" البنك المركزي - عدن "المقترحة" أن تأخذ بعين الاعتبار عدة طرق وخيارات منها التالية فيما يتعلق بتصور "مشاركة البنوك السعودية والإماراتية"(بما فيهم القطاع الخاص):

1 - ضخ سيولة رأسمالية بشكل:

أ - دين رأسمالي مباشر طويل الأجل (بضمان بنوكها المركزية)

أو
ب - ضخ سيولة كمساهمة مباشرة في رؤوس أموال البنوك (الملكية) تحدد وبما يتناسب مع متطلبات "خطة الإنقاذ"(أعلاه). "وضمانتها " تكون في إعطاء المستثمر حق وصلاحية "الإدارة" المطلقة.

أو
ج - يعطى الخيار مبدئيا للجانب السعودي والإماراتي بأن يساهم مع/ أو يستحوذ على بنك وطني واحد بذاته أو مع أكثر.

ح - أو أن تفتح البنوك السعودية وإماراتية فروع لها مما سيعزز لا محالة من البيئة البنكية الحالية ويدفعها لا محالة إلى تحسن وتطور واستقرار ونمو.

خ - ولإبقاء قنوات التفاهم يطلب من الجانب السعودي والإماراتي وضع تصورهم في هذا المجال خاصة أن لديهم خبرة الاستثمار في بنوك خارج بلدانهم؛ وقبول واستعداد البنك المركزي بقبول أي "آراء/ ملاحظات" تقوي من أساسيات "المقترح" أعلاه لمصلحة جميع الأطراف.

- أن خطة إنقاذ القطاع المصرفي الوطني من وضعه القائم معززة بالخبرة الواسعة والمقدرة المالية للقطاع البنكي السعودي والإماراتي، ستكون على مراحل زمنية قصيرة/ متوسطة المدى "(3-5 سنوات)".

- وبدون التقليل أو المبالغة فإن التكلفة الرأسمالية التقديرية (لكل الخيارات أعلاه) وخلال الفترة الزمنية 3-5 سنوات لن تتعدى الـ 5-7 مليارات دولار أمريكي، وهو مبلغ ضئيل يعادل أقل من النصف مما "ربحته" البنوك السعودية والإماراتية في الربع الأول (يناير - مارس) من عامنا الجاري 2024م والبالغ نحو 12 مليار دولار امريكي. أن يقارن أو أن يذكر أمام أصول (موجودات) القطاع المصرفي السعودي والإماراتي "مجتمعة" والتي تفوق تريليوني دولار أمريكي (التريليون يساوي ألف مليار)؛ أن استثمار بمبلغ "5-7 مليارات دولار امريكي" وعلى مدى 3-5 سنوات لن يؤثر بالتأكيد سلبا على القطاع المصرفي في كل من البلدين الشقيقين.

- إن على القيادة السياسية الوطنية أن تقوم بدورها المنوط بها في هذا، وذلك بالطلب دول كلل أو ملل من أصحاب القرار في كل من السعودية والإمارات على "الترحيب ومباركة" هكذا مقترح والعمل "الفوري" على "تسهيل وسرعة" إعداد دراسة نهائية.. تتضمن [ضمان] أي استثمار لـ "بنوكهم" في القطاع المصرفي الوطني.

- نكرر ما كتبنا أعلاه أن مشاركة الجميع وخاصة من يهمهم الأمر في هذا الموضوع تعتبر مسألة "بقاء" القطاع المصرفي الوطني من "عدمه"، وبالتالي إحياء وإنقاذ الاقتصاد الوطني الرسمي والسيادي من براتن "الاقتصاد الأسود" السائد والذي يجهض أي تعافي أو نمو أو تطور على مستوى الدولة والمواطن معا.

- لا بد من التحرك الفوري والسريع على مستوى "صناع القرار" باتجاه وضع جسور النقاش والحوار بهذا الخصوص.

[- أخيرا كلمة تحذيرية لا تتفاجؤوا، بل لا تستبعدوا قيام "مركزي - صنعاء" بدعوة بنوك إيرانية (بصفة خاصة) وعراقية لفتح فروع لها، أو الاستحواذ (الكلي/ الجزئي) و/ أو تأسيس بنوك جديدة برؤوس أموال مشتركة مع القطاع السلطة و/ أو القطاع الخاص اليمني.]، أو الثلاثة معا.

- ويبدو أن قرار/ قانون "إلغاء المعاملات الربوية" إنما هو متطلب يوازي ويماثل قوانين وسياسات ومعاملات [البنك المركزي الإيراني عامة والقطاع المصرفي الإيراني الضخم والمتطور].

- هذا إن لم يكن هذا الاحتمال قد تمت بالفعل دراسته وتحضيره تجهيزه و "تنفيذه" (نفترض قريبا) من قبل مركزي - صنعاء كـ "خيار" وحيد ومخرج "لا بديل عنه" من [الأزمة البنكية والمالية والنقدية المزمنة والمستعصية والعميقة]، "القائمة" لديهم والقطاع المصرفي، وهي ستكون بمثابة أداة تثبيت وتقوية "سلطة" مركزي - صنعاء على القطاع البنكي الوطني.