السقوط في فخ الثارات لا يترك خيارًا أمام الناس سوى أن يعتمروا البندقية ليصنعوا حاضرهم، وبالدم وحده يرسمون، على نحو دائم، مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
كم هي الجماجم التي تكسرت في خنادق الثارات، لا لشيء إلا لأن هناك من عظّم الثأر كقيمة اجتماعية في الوجدان المتأهب للموت حينما يغدو الواقع طاردًا لفكرة الحياة.
بلاد الصبيحي بكل ما حفُلت به من قيم الشجاعة، والتكافل، والوطنية، والصبر على المكاره، واحتمال الأذى، ومقاومة شظف العيش فقد ابتليت بالثارات التي أخذت تضعف قيم الحياة الرفيعة بين أبنائها.
وكم هي الجهود التي بذلها الوجهاء والمثقفون من أبنائها للتغلب على هذه الظاهرة وأسبابها، فما أن تهدأ حتى تثور من جديد، ويمكن القول إن الثارات عطلت كثيرًا من شروط الحياة، ومع ذلك فقد قاوم العقلاء من أبناء الصبيحة التحديات القادمة من خنادق هذه الظاهرة؛ والسبت، نقلت الأنباء خبر اللقاء الكبير الذي تم بين قبائل وعشائر بلاد الصبيحي، حيث وقعوا ميثاق شرف ينهي الثارات، ويلزم كل صاحب حق بالأخذ بالقانون، ليسود التسامح والقانون والعرف، مؤكدًا على أن هذا المجتمع الذي هو امتداد لسهل تهامة بقيمه التاريخية التي عرف بها قادر على تجاوز هذا الموروث.