كانت قرارات البنك المركزي اليمني في عدن صائبة وفي محلها لاستقرار الوضع الاقتصادي اليمني ولكنها حشرت جماعة الحوثي في زاوية وحصرتها بين أمرين أما القبول بالعملة الجديدة والاندماج المالي مع الحكومة الشرعية أو الانفصال الكلي عن الحكومة وهذا ما سيعزز موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل لقضية شعب الجنوب لاستعادة الدولة الجنوبية.

قبول جماعة الحوثي لقرارات البنك المركزي بعدن مقابل تنازلات دولية سيعمق الشراكة في السلطة اليمنية شمالًا وجنوبًا وسيتضمن مستقبلًا إشراكهم في الحكومة.

هذه القرارات المفاجئة لصالح دولة موحدة جعلت المجلس الانتقالي يراقب بصمت ويرحب بتلك القرارات حتى وإن كانت غير مناسبة لمبدأ قضيته وكونه جزءًا من الحكومة اليمنية فإنه لا يستطيع الانشقاق أو الاعتراض عن ذلك.

يأتي في سياق تلك التفاهمات المفاجئة انفراج أزمة الطرق "الشمالية الشمالية – والشمالية الجنوبية"، والتي دام انقطاعها منذ العام 2015م، وقبول جماعة الحوثي في 9 يونيو 2024 بفتح طريق "الحوبان - جولة القصر - الكمب"، هذا الطريق الذي يسهل المرور من محافظة عدن إلى محافظة تعز بـ ثلاث ساعات فقط، وفي الجانب الآخر إعلان محافظ محافظة مأرب سلطان العرادة افتتاح طريق "مأرب – البيضاء – رداع - صنعاء"، مشددًا على ضرورة فتح كافة الطرق المغلقة وخصوصًا طريق "مأرب - فرضة نهم – صنعاء"، باعتباره الخط الدولي الأقرب والأنسب والمؤهل لنقل البضائع والمسافرين، وكذلك طريق "ملعا – حريب"، كونه يخدم إحدى المديريات الجنوبية، وواحدة من أكبر مديريات المحافظة.

وبينما يعتبر أن طريق "يافع – الحد – البيضاء"، مفتوحًا منذ السابق لم يتبقَ إلا طريقين رئيسيين مربوطين شمالا وجنوبا وهو "ثرة – البيضاء"، هذا الطريق الرابط بين محافظة أبين والبيضاء و"الضالع - قعطبة – إب"، و"الضالع - دمت – صنعاء"، وهذا الطريق الآخر الرابط بين محافظة الضالع وإب وذمار.

في ذلك الوقت تجري المشاورات الدولية لرفع العقوبات عن عائلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وخصوصًا نجله أحمد علي عبدالله صالح، وتوصلت تلك المشاورات الدولية بدعم روسي إلى الموافقة على رفع العقوبات وعودة الحصانة الدولية للعميد الركن أحمد علي، وسط ابتهاج شعبي بتلك القرارات وتوقعات مؤكدة عودته إلى المشهد وقيادة زمام الأمور في اليمن وإخراج الشعب من هذه الأزمة.

وتكثر التساؤلات حول ما إذا كانت تلك القرارات والترتيبات المفاجئة ستصب لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي؟ وحول كيفية استيعابها بالشارع الجنوبي.

وهناك رهان آخر حقيقي على نكث الحوثيين للاتفاقات في القريب العاجل فهذا ما فعلوه سابقًا بكل الاتفاقات.