لا يوجد جنوبي صادق مع الجنوب ومشروعه للاستقلال إلا وهو مع أي حوار جنوبي للوصول إلى قواسم مشتركة بين الجنوبيين.. توجد حالة توازن جنوبية على أسس ومبادئ وأهداف وطنية جنوبية لتحقيق الاستقلال ولا أحد يختلف على أهمية ودور قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي وأن تسعى بكل ما تستطيع للحوار باعتباره كيانا متماسكا متسعا عليه التفاف، لكن هل أزمتنا في الحوار فقط؟

لا أعتقد أن أزمتنا فيه، لكن الأزمة الفعلية على ماذا نتحاور، وأين موقعي؟

فالبعض مازال مرتبطا بباب اليمن ويرفض أن يحاور أخاه الجنوبي الذي يسعى للحوار معه، لكنه يندفع بدون "فرامل" للحوار مع أي شمالي حتى لو كان مغردا في تويتر، ولا يعترف أن في الجنوب مشروعا وطنيا ليس وليد الحرب، بل من قبلها وقدم شهداء في نضاله السلمي وفي مقاومته الجنوبية لاجتياح الحوثي بل يريد من الجنوبيين شعبا ونخبا أن ينقادون لمشروعه.

البعض يهمه هدم الانتقالي أولا وتدمير قواته بدعوى أنه صنيعة إماراتية وأنه مجرد جماعة ومناطقي قروي.. إلخ السفسطات.
البعض مازال رجلا في صنعاء ورجلا في عدن، والبعض لا يريد الجنوب إلا إذا هو الأول وكل شلته، إذا لم يكن في الواجهة فلا جنوب.

فعلي أي أسس ومبادئ وأهداف سيكون الحوار معهم، وهل الأزمة في الحوار أم على ماذا نتحاور؟

يردد البعض: يجب أن نتحاور ونفتح صدورنا لبعضنا البعض ونجلس مع كل القيادات السياسية الجنوبية في الداخل والخارج ونشركهم ولا نهمّش أحدا في الشراكة والسلطة وصنع القرار، وهذا صحيح لكن أين السلطة؟ وأين هو القرار؟

فمازال الجنوب ثورة لم يصل لسلطة ولا لقرار، والشيء الطبيعي أن يكون التحرير الأولوية الأولى، وأن يكون التوازن في المتاح، وهذا من صلب مسؤولية الانتقالي وأن يغير في بنيته ليستوعب مخرجات أي حوار فقيمة الحوار حين تتحول نتائجه في الكيانات، لكن لو افترضنا أن الانتقالي لم يحاور، فليتحاور الآخرون مكونات وقيادات الذين طيلة هذه المدة لم يخلقوا كيانا صلبا يمكن الالتفاف حوله، يتحاورون يضعون صيغة للاندماج بينهم في هذه المرحلة من الاحتلال وهذا سيفرض على الانتقالي حالة متماسكة توجب عليه الحوار أما وهم لم يقبلوا بعضهم بعضا ويتصارخون عن التهميش فهم أول من يرفض الحوار ولا يؤمن به ولا يقبل بالآخر.

يقول القائل الانتقالي يقبل بأهل اليمن ولا يقبل بالجنوبيين في الشراكة، والشراكة فرضتها ظروف حرب دولية وإقليمية مهيمنة على الشأن المحلي ولم تكن الشراكة خيارا انتقاليا، ومع ذلك لم يرفض جنوبيين في الرئاسي والحكومة وهم يمثلون أحزابا يمنية.

إن الشراكة المرحلية في الحكومة والرئاسي هي شراكة مناصفة بين الجنوب والشمال وفيها جنوبيون ضمن حصة الجنوب محسوبين على قوى وأحزاب يمنية ما يعني أن الانتقالي الذي يعتبر كيانا جامعا للقوى التحررية الجنوبية فيها لم يستحوذ على حصة الجنوب.

إن المرحلة توجب على المكونات والأشخاص أن تسود لغة بينهم توافقية تجمع فالموجود، من البعض لغة سياسية لتقسيم المجتمع الجنوبي وإشاعة ثقافة الكراهية باستخدام مصطلحات تنفير وحقد ضد مناطق معينة مع أن مطلقوها لا يخلون منها وهي صادرة من سياسيين أو نخب ثم تلقفتها الشعبوية، لغة لم يستخدموها ضد الشماليين الذين اعترفوا أنهم يديرون الجنوب بالاستعمار، فعلى الجميع ضبط لغة التخاطب السياسي أولاً.