> "الأيام" غرفة الأخبار:

​قال المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس جروندبرج، وبشكل أكثر صراحة من ذي قبل، إن وساطته تواجه تعقيدات وظروفًا صعبة، مؤكدًا في ذات الوقت أن هدفه الرئيسي يبقى هو التوسط للتوصل إلى حل دائم وعادل للنزاع، لكنه قال: “إن الحرب المستمرة في غزة والتصعيد الإقليمي المرتبط بها يعقدان من هذه الجهود”.

واستعرض في إحاطته، اليوم الخميس، أمام مجلس الأمن الدولي، ما استجد عليه حال الأزمة اليمنية وجهود السلام منذ إحاطته السابقة في 15 أغسطس الماضي.

وجدد جروندبرج “دعوة وكيلة الأمين العام ديكارلو الأخيرة في هذا المجلس، لوقف إطلاق النار بشكل عاجل، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المتبقين، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل كبير. تستمر الحرب في التسبب بمعاناة هائلة لمئات الآلاف وتفاقم تأثيراتها المزعزعة للاستقرار في أنحاء المنطقة”.

وأشار إلى أن الحرب في غزة “قد انعكست سلباً أيضاً على اليمن. حيث استمرت أنصار الله في شن هجماتها على السفن في البحر الأحمر، مما يهدد الاستقرار الإقليمي والأمن البحري الدولي. ورداً على ذلك، واصلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة استهداف المواقع العسكرية داخل اليمن”.

وأعرب عن قلقه إزاء هذا التصعيد، “وأكرر دعوتي للأطراف لوضع اليمن في المقام الأول، وتقديم أولوية حل النزاع في البلاد”.

وأشار جروندبرج إلى أن “من التطورات المثيرة للقلق بشكل خاص مؤخراً هو استهداف أنصار الله لناقلة النفط اليونانية “أم في سونيون” ما أجبر الطاقم على التخلي عن السفينة، ويُعد ذاك تهديدًا وشيكًا بحدوث تسرب نفطي خطير وكارثة بيئية غير مسبوقة”.

ويستهدف الحوثيون، وفق بياناتهم، السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها أو التي خرقت شركاتها قرار حظرهم الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة، وذلك “تضامنًا مع غزة” التي تتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر الماضي.

كذلك على الصعيد السياسي، يؤكد جروندبرج على الدوام أن عملية السلام في اليمن تتطلب حوارًا مباشرًا وبناءً يتناول القضايا الجوهرية بمسؤولية تجاه تجاوز معاناة اليمنيين، وصولًا إلى التسوية السياسية الشاملة وفي المقدمة من ذلك “تحييد الاقتصاد عن الاعتبارات السياسية، ودفع الأطراف نحو التخلي عن نهج المكاسب الصفرية إلى التعاون المشترك”.

وقال: “ما زلت متمسكًا بقناعتي بأنه، على الرغم من التحديات العديدة التي نواجهها، فإن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة”.

وأعلن جروندبرج عن الترتيب، في سياق برنامج مكتبه، “لمزيد من المشاورات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لتعزيز رؤية لعملية سلام شاملة في اليمن، وحتى الآن جمعت هذه المشاورات عدة مئات من اليمنيين”.

ويعمل مكتبة جروندبرج بين فينة وأخرى على تنظيم ورش ولقاءات تضم ممثلين لأحزاب ومنظمات مدنية ومكونات مختلفة باتجاه استخلاص رؤية تجاه السلام الشامل والمنشود في البلد الذي يشهد حربًا منذ عشر سنوات.

وأضاف المبعوث الأممي: “يُبرز اليوم الدولي للسلام، والذي سنحييه في 21 من سبتمبر، مسؤوليتنا المشتركة في إعطاء الأولوية للسلام وتعزيز الاستقرار في اليمن. وهذه ليست مجرد مناسبة رمزية؛ بل هي دعوة للعمل. فالشعب اليمني يستحق السلام الذي طالما انتظروه”.

وعلى الصعيد العسكري، قال جروندبرج إنه لم يطرأ أي تحسن منذ إحاطته الأخيرة، ” حيث لا نزال نلاحظ أنشطة عسكرية مثيرة للقلق على خطوط الجبهات، إلى جانب تصاعد الخطاب بين الأطراف المتنازعة”.

وعلى الرغم من أن اليمن يشهد خفضًا للتصعيد منذ انفراط عقد الهدنة الأخيرة في الثاني من أكتوبر الماضي 2022م، إلا أن بعض المواجهات تتجدد بين فترة وأخرى، في بعض الجبهات، لدرجة أن بعضها يمثل تهديدًا للتهدئة، التي يشهدها البلد منذ أكثر من عامين.

وعلى الصعيد الاقتصادي، نوه المبعوث الأممي “بنجاح التفاهم الذي توصل إليه الطرفان في 23 يوليو بشأن التهدئة الاقتصادية في تفادي أزمة حادة”. لكنه قال “إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، والوضع الاقتصادي لمعظم اليمنيين مستمر في التدهور”.

وبهدف التجاوز الحقيقي لهذه المعضلات، أكد جروندبرج أنه سيواصل “الانخراط بعزم لا يتزعزع. وعلى وجه التحديد، سيعمل مكتبي على مساعدة الأطراف في تنفيذ تفاهم يوليو بشأن خفض التصعيد في القطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية من خلال الاستمرار في الانخراط مع الممثلين المعنيين”، في إشارة إلى أن الاتفاق يواجه تحديات تحول دون تنفيذ بنوده مما يهدد باستئناف التصعيد الاقتصادي بين الطرفين ومضاعفة معاناة اليمنيين المستمرة.

وكان المبعوث الأممي قد توقف أمام مشكلة اعتقال موظفين في منظمات أممية ومحلية في مناطق سيطرة جماعة “أنصار الله”.

وقال: “مضى أكثر من مئة يوم منذ أن بدأت أنصار الله حملة اعتقالات استهدفت اليمنيين المنخرطين في جهود أساسية تشمل المساعدات الإنسانية، التنمية، حقوق الإنسان، بناء السلام، والتعليم”.

وجدد هانس جروندبرج، دعوات الأمين العام والمفوض السامي لحقوق الإنسان الواضحة لأنصار الله بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين.

وأعلنت الأمم المتحدة رفضها القاطع للاتهامات التي وجهتها جماعة “أنصار الله” الحوثيون لعدد من وكالاتها العاملة في اليمن، واصفة إياها بـ”الزائفة”، وتهدد سلامة موظفيها.

وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قد رفض في مؤتمر صحافي، الأربعاء، “الادعاءات الأخيرة التي وجهتها جماعة الحوثيين لعدد من الوكالات الأممية العاملة في اليمن”، واعتبرها “زائفة ولا أساس لها من الصحة”.