> علاء أحمد بدر:
- رئيس محكمة الميناء: غياب قانون الجرائم الإلكترونية أدى لانتشار الابتزاز الإلكتروني
- القاضي عمار مسعود لـ "الأيام": الحذر من التعامل مع التطبيقات المرتبطة بالكاميرات
- مسؤول قضائي: أشدد على الفتيات عدم إرسال صورهنّ لأي شخص مهما كانت ثقتهنّ به
> التقت "الأيام" برئيس محكمة الميناء الابتدائية في العاصمة عدن القاضي عمار علوي مسعود سالم، لمعرفة أسباب ودوافع ارتكاب الجرائم الإلكترونية وكيفية تعامل القضاء معها.
يقول رئيس محكمة الميناء: "جريمة الابتزاز الإلكتروني هي ظاهرة إجرامية وُجِـدث حديثًا في مجتمعنا اليمني من خلال قيام شخص ذكرًا كان أو أنثى بتهديد آخر بنشر معلوماته أو الصور الخاصة به أو بيانات قام الضحية بإنشائها أو إرسالها أو تخزينها لثقته بالمبتز (المجرم) أو من أجل تخزينها في حساب خاص بهاتفه واسترجاعها عند الحاجة إليها عن طريق الوسائل الإلكترونية الحديثة المتصلة بشبكة الإنترنت الضخمة المتصلة مع بعضها البعض من خلال التواصل بين هاتف وهاتف أو جهاز كمبيوتر أو أكثر معًا عن طريق كوابل أو تقنيات خاصة من أجل تبادل المعلومات"، مردفًا أن الإنترنت والاتصال المرئي بين شخصين أو مجموعة عبر الهواتف أو الحاسبات الإلكترونية (الكمبيوتر) يكون من خلال شبكة اتصال متعددة يُـطلق عليها (NETWORK) أي وسيط لنقل المعلومات التي يتشارك فيها الأفراد فيما بينهم دون علمهم بأنهم قرروا السماح لآخرين بالاتصال بهواتفهم ومشاركتهم للمعلومات معهم أو إرسالها بموافقتهم ولثقتهم بهم أو لخوف الضحية من الفضيحة المجتمعية أو الأمنية تحت غطاء التهديد والابتزاز.
وفيما يتعلق بجريمة الابتزاز الإلكتروني يُـبينها القاضي عمار مسعود، بأنها جريمة من جرائم السلوك والحدث المتعددين، مضيفًا أن السلوك المتعدد فيها هو من ناحية سلوك مادي ذو مضمون نفسي يتمثل في الاحتيال على الآخرين، وهو من ناحية أخرى تصرف مادي بحت يتمثل في التوصل إلى الاستيلاء على شيء أخلاقي أو مادي (المال)، من خلال خدع الضحية وكسب ثقته باستخدام المبتز بسلوكه الأول بصنع خيال بفكره يجعله واقع بالإرادة لدى من يتلقى منه هذه المخاطبة الجميلة في زرع الثقة وزرع الشعور بالطمأنينة أو إقناع الضحية بفكرة معينة بأن يرسل له صور معينة أو طلب قيامه بعمل محادثة مرئية لتعلقه وحبه لضحية مما يجعل الضحية تقتنع بذلك الأسلوب، فيمنح الجاني تلك الطلبات ثم ينقلب بالسلوك المادي البحت.
وحول ما هية صفات المجرم الإلكتروني يقول رئيس محكمة الميناء "يعتبر الذكاء من أهم صفات المجرم المعلوماتي لأنه يتطلب منه الإلمام بـ "التكنولوجيا" المعلوماتية إلى جانب قدرته العالية بالتعامل مع الحاسب الآلي والإقناع في الجرائم الأخلاقية وهذا في الدول المتقدمة، بعكس دولة العالم الثالث مثل اليمن والذي يكون فيها تركيز المجرم إما من جانب أخلاقي بحت أو مادي ولا يُـشترط فيه الذكاء بل ساعدته الظروف التي تمر بها الدولة بسبب الحرب وعدم وجود رقابة ونصوص عقابية محاسبة له لكون وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمها جميع الناس بمختلف أعمارهم".
ويمضي القاضي مسعود شارحًا خصائص جريمة الابتزاز الإلكتروني، حيث يشير إلى أنها:
1- جريمة اعتداء على العِـرض أو المال، من خلال خداع المبتز للضحية بدافع الإعجاب ثم الحب والزواج بهدف الحصول على علاقة غير شرعية أو المال.
2- تغيير جوهر الحقيقة بالتدليس والخداع والتبديل للحقائق في ذهن الضحية، مما يجبره على قبول فعل ضار به أو بغيره.
3- الابتزاز يقترب من جريمة النصب والاحتيال نفسها بيد أن التمييز عنها في أن تغيير الحقيقة لا يقوم به النصب إلا إذا كان ذلك وسيلة للاعتداء على الملكية وجريمة النصب وقتية أما الابتزاز قد تكون جريمة دائمة لأن الابتزاز من جرائم السلوك والحدث المتعددين والفعل المتعدد فيها من ناحية سلوك ومضمون "نفسي" من أجل التوصل إلى فعل معين وأكثر ما يكون هذا النوع بغية الحصول على مال، فالمبتز بسلوكه الأول يخاطب مَـلَـكة الفكر والخيال ومَـلَــكَـة الشعور والإرادة لدى من يتلقى منه هذه المخاطبة لإقناعه بأن يُـسَـلِّـم له أمر محدد نظير وهَم معين مجزي ومرغوب لدى الضحية، وإذ يقتنع بذلك هذا الأخير ليقدم نفسه وكل ما يطلب منه للمبتز فيستلمه منه مدخلًا أمر آخر ثانٍ هو سلوكه المادي البحت والمتمثل في إيجاد علاقة حميمية بينهما أو حصوله على مال الضحية.
وبخصوص أركان جريمة الابتزاز الإلكتروني يفندها رئيس محكمة الميناء الابتدائية بعدد من الأركان وتتمثل بـ:
الركن الشرعي: وهو الركن الذي يجعل ارتكاب الجريمة محظور شرعيًا، أي أنه كل تصرف يحظره الشرع وهذا النوع من الجرائم تحرمه الشريعة لكونها خارج من دائرة الإباحة الأصلية وداخلًا في دائرة المنع إلا أنه يتكون العنصر الشرعي من وجود نص تشريعي يحرم الفعل وفي المقابل لا يقع حكم تشريعي آخر يبيح ذلك الفعل بعد تحريمه، أي أنه لا يتوفر سبب إباحة يرفع عن ذلك الفعل صفة التجريم لذلك لا بد من وجود قانون لأنه (فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) وبهذا يقوم مبدأ أساسي هو (شرعية الجرائم والعقوبات).
والركن الثاني كما أضافه مسعود.. الركن المادي: في جميع الجرائم ويتحقق سواءً أكانت الجريمة تامة فيعاقب عليها الفاعل بالعقوبة الكاملة وإما أن يكون قد عَـدل نفسه عن مواصلته للجريمة وحينها لا يعاقب على الفعل أو قد يواصل فعله باستخدام الطرق الاحتيالية باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، ولكن فعله قد يتوقف بسبب خارج عن إرادته كالجريمة الموقوفة أو الخائبة لأسباب حالت بينه وبين الضحية لا دخل لإرادته بها.
ولفت القاضي عمار علوي إلى أن القصد الجنائي - الركن المعنوي - فإنه جريمة عمدية تتم بتوافر القصد الجنائي لدى المبتز حتى إذا تكاملت معه باقي الأركان حق عليه العقاب، ويكفي في جريمة الابتزاز أن يتوفر القصد العام الذي يتطلبه المشرع في كل الجرائم العمدية.
وبحسب رئيس المحكمة فإن مراحل الابتزاز الإلكتروني تقوم على الموافقة وتلبية أوامر المبتز وتبدأ بعلاقة صداقة مع الشخص المستهدف ثم التواصل عبر برامج المحادثات المرئية ثم الاستدراج عن طريق تبادل الصور والفيديوهات ثم الطلبات المالية أو التهديد بنشر تلك الصور.
وشدد رئيس المحكمة الميناء على التوعية في اتباع طرق الوقاية من الابتزاز الإلكتروني والتي تتمحور فيما يلي:
- عدم كشف كلمات المرور لأي حساب نهائيًا سواءً رؤيتها لأي شخص كان أو إرسالها عند الطلب عبر الوسائل الإلكترونية بطلبها عبر شركة اتصالات أو حسابات بنكية.
- عدم قبول أي طلبات غير معروفة مباشرة.
- عدم الدخول على الروابط والإعلانات التي تظهر في المواقع الإلكترونية.
- عدم تصفح المواقع مجهولة المصدر أو غير المشهورة التي ترتبط ببعض المواقع التي تعمل عبر الـ "كاميرا كالمواقع او البرامج الإباحية.
تنزيل البرامج الأصلية من مصدرها الرسمي.
وفي سياق اجتماعي، لفت القاضي عمار علوي مسعود إلى أهم مشكلات جرائم الابتزاز الإلكتروني والتي تواجه المجتمع في اليمن ومن أبرزها غياب القوانين والعقوبات التي من شأنها الحد من هذه الجرائم بواسطة قانون خاص بالجرائم الإلكترونية لتنظيم جميع الإجراءات والاستدلالات والتحقيق في الجرائم الإلكترونية وطرق إثباتها، مما يسبب مشكلة كبيرة أمام القضاة في ظل تزايد مثل هذه القضايا والتي تُعرض أمامهم، مما يجعل القاضي يجتهد من خلال الرجوع إلى نصوص قانونية ضيقة ومحددة بأحكام القانون اليمني والمتمثلة في قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م بالمواد (257، 256، 245، 313) وبعض المواد بالقانون رقم (40) لسنة 2006م بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الالكترونية، مما يجعل جرائم الابتزاز الإلكتروني من أخطر الجرائم في وقتنا الحاضر لعدم وجود قانون خاص يجرمها وانعدام أجهزة رقابة حديثة لدى الدولة مما يجعل الأجهزة الأمنية في حالة تخبط وتيهان لغياب الآلية المحددة في كيفية محاربة هذه الجرائم الخطيرة مما يشكل لدى قاضي التحقيق الجنائي قلة الحيلة في النيابة العامة التي ليس أمامها في رفع الدعوى الجزائية سوى الاستعانة بما هو موجود من نصوص قانونية في قانون الجرائم والعقوبات وقانون الإجراءات الجزائية التي من خلال هذه المواد تصبغ وتضع التكييف القانوني المناسب لمواجهة هذه النوعية من الجرائم، وهذا القصور في النص القانوني يؤدي بلا شك إلى المساس بمبدأ المشروعية الجنائية ومبدأ التفسير الضيق للنص القانوني بحيث يُعرض إجراءات جمع الاستدلال والتحقيق والمحاكمة لعورات قانونية يشوبها الضعف في قرار الاتهام والطعن فيها من قِـبَـل أي محامي ملم بالإجراءات القانونية، مما يؤدي إلى بطلان تلك القرارات والأحكام القضائية الصادرة بها.