> عدن "الأيام" محمد رائد محمد:
- توصية.. إنشاء غرف رصد إلكتروني ترصد وتفكك الحملات المضللة
- أكاديميون: الجنوب يعيش حالة حرب إلكترونية هدفها زرع الفتن
واستنادًا إلى ذلك تبرز أهمية التحصين الإعلامي، وتعزيز الوعي الرقمي، والتمسك بوحدة الصف الجنوبي كأقوى رد على هذه الحملات الممنهجة.
ومن هذا المنطلق نظّمت صباح أمس الأحد، منسقية كلية الإعلام في جامعة عدن محاضرة بعنوان (المستجدات والأحداث السياسية في الساحة الجنوبية) وأثرها على قضية شعب الجنوب "حرب الذباب النموذجي أنموذجًا".
الندوة التي حضرتها "الأيام" ورعاها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي وأشرفت عليها منسقية الجامعة، حظيت بحضور وتفاعل واسعين من قبل الأكاديميين والطلاب على حدٍّ سواء.
وعلى هامش الفعالية الأكاديمية التقت "الأيام" برئيس منسقية جامعة عدن د. يحيى شائف ناصر الجوبعي والذي قال "تعيش الساحة الجنوبية مرحلة دقيقة من التحولات السياسية المتسارعة، في ظل تصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية وتضارب المصالح الإقليمية والدولية، وفي خضم هذه المرحلة برزت أدوات جديدة في ساحة الصراع أبرزها "الذباب الإلكتروني" كوسيلة حديثة لتشكيل الرأي العام وتضليل الجماهير، والتأثير في مسار الأحداث من خلف الشاشات".
وأضاف الجوبحي أن هذه الفعالية تهدف إلى تسليط الضوء على ما ينتج عن الذباب الإلكتروني كأنموذج حديث في الحروب السياسية النفسية، وتأثيره العميق على الوعي الجمعي لقضية شعب الجنوب، في ظل المستجدات السياسية الراهنة.
وأشار رئيس منسقية جامعة عدن إلى أن المرحلة الراهنة تُـعد من أدق المراحل التي تمر بها الساحة الجنوبية منذ عقود، إذ تتقاطع فيها التحديات الوطنية مع التدخلات الإقليمية والدولية، وتتصاعد فيها أدوات الصراع، ليس فقط على الأرض، بل كذلك في الفضاء الرقمي، لافتًا إلى أن "الذباب الإلكتروني" أصبح أداة خطيرة تُستخدم لتشويه الوعي، وتحريف الحقيقة، وتشتيت الرأي العام، خاصة تجاه قضية شعب الجنوب التي ما زالت تكافح من أجل الاعتراف والتمكين السياسي.
من جانبها أكدت رئيسة منسقية كلية الإعلام د. نوال مكيش أن الطلاب الإعلاميين يجب أن يلموا بما يتعلق بسطوة الذباب الإلكتروني وخطورته، مضيفًة أن قضية شعب الجنوب لا تمر بحرب تقليدية فقط، بل بحرب إلكترونية ميدانها الفضاء الرقمي المفتوح والذي ليس له أي حدود وهو أخطر من الآلة العسكرية والجيش المعتاد.

ودعت مكيش طلاب الإعلام لتقوية منصاتهم الرقمية على شبكة الإنترنت منعًا لقيام الذباب باختراق حساباتهم، وكذا الحذر من الحسابات الوهمية للذباب والتي تهدف إلى زرع الفتنة بين أوساط الجنوبيين وإبعادهم عن قياداتهم الجنوبية.
وحول ما هية الذباب الإلكتروني أكدت د. نوال مكيش أنه مصطلح يُطلق على الجيوش الرقمية التي تُدار عبر حسابات وهمية وتُستخدم لتضليل الرأي العام ونشر الشائعات والافتراءات وتُدار هذه الحملات غالبًا عبر منصات تويتر، فيسبوك، يوتيوب، تيليغرام، وغيرها، متابعًة أن أهداف الذباب الإلكتروني تشويه صورة القيادات الجنوبية والتشكيك في نزاهتها، وإثارة الانقسامات بين أبناء الجنوب وزرع الشكوك داخل النسيج الاجتماعي، وضرب الرموز الوطنية والمشاريع التحررية وتشويه سمعتها، ونشر الشائعات عن الوضع الأمني والخدمي لإضعاف الحاضنة الشعبية، وتشويش الحقائق وإضعاف الروح المعنوية لدى مؤيدي القضية الجنوبية.
وتحدثت رئيسة منسقية حول طرق وأساليب الذباب الإلكتروني قائلًة "إنه يصطنع الأخبار الكاذبة والتقارير المفبركة، ويعيد نشر محتويات مشبوهة وتكرارها بعدة صيغ لتعزيزها نفسيًا، ويستخدم صور وأسماء شخصيات جنوبية حقيقية في حسابات وهمية، بالإضافة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي في توليد تعليقات وتعزيز التفاعل الزائف، وكذا استهداف الحسابات الجنوبية المؤثرة بالإبلاغات والحظر".

جانب من الحضور
ونبَّـهت مكيش من أثر الذباب الإلكتروني على قضية شعب الجنوب من خلال تشتيت وحدة الصف الجنوبي وتصدير الصراعات الداخلية، ونشر نظريات المؤامرة حول كل مبادرة أو تحرك جنوبي، والتأثير على الثقة بالقيادة والمجلس الانتقالي، والتشكيك بقرارات المجلس، خاصة في الملفات الحساسة مثل المفاوضات أو الخدمات، وتغيير أولويات الرأي العام عبر توجيه الجماهير للاهتمام بقضايا فرعية وثانوية، وتهميش القضية المركزية المتمثلة في حق تقرير المصير.
وفيما يخص الأجندات الخارجية بيَّـنت الأكاديمية في كلية الإعلام أن الذباب الإلكتروني غالبًا ما يخدم أجندات تتقاطع مع مصالح معادية للقضية الجنوبية، ويسهّل تمرير مشاريع سياسية مشوهة كـ"الحلول الوسطية" التي لا تعترف بالهوية الجنوبية أو تطلعات شعب الجنوب.
أما بالنسبة لكيفية التصدي لحرب الذباب الإلكتروني أوضحت نوال مكيش أن ذلك لن يتحقق إلا بالتوعية الرقمية والإعلامية بواسطة إنتاج محتوى إعلامي محترف يوثق الواقع ويكشف الأكاذيب، وإقامة حملات رقمية مضادة تعتمد على المصداقية والشفافية، وبناء إعلام جنوبي حديث، ودعم الإعلام الجنوبي بوسائل حديثة وتقنيات تحقق سرعة الاستجابة، وتعزيز التدريب الرقمي للكوادر الإعلامية الجنوبية، وكذلك المراقبة والتحقق عن طريق إنشاء منصات للتحقق من الأخبار (Fact-Checking)، وفضح الحملات الممولة والحسابات الوهمية، والتنسيق المؤسسي والمجتمعي، والتوفيق بين الإعلام، والنشطاء، والمؤسسات الرسمية لمواجهة الشائعات، وإشراك المجتمع المحلي في حملات مقاومة التضليل.
من جانبٍ آخر أوضح أستاذ الأدب الحديث والنقد في كلية صبر للعلوم والتربية بجامعة لحج أ.د. أمين صالح عمر غالب العلياني، أنه قدَّم في اللقاء الأكاديمي الطلابي الإعلامي أهم ما يجب أن يعلمه الوسط الجامعي حول التطورات الحالية، وأثرها على حاضر ومستقبل قضية شعب الجنوب، ولا سيما منها حرب الذباب الإلكتروني، حيث أن هذه الهجمة والتي تستهدف القوات الجنوبية هي من أشد الحروب، فهي تشكل ضررًا على الوعي المجتمعي والنسيج الاجتماعي لأن النخبة هي في إطار معركة تنبه ويقظة واحتراز، وعليه فيجب أن تكون هناك حماية للإدراك من التظليل، والتزييف، وتغييب الحقيقة عن الجمهور.
وأضاف العلياني أن الشعب الجنوبي يعاني في الوقت الراهن من سوء الأوضاع الاقتصادية، وهذه ثغرة قد يستغلها الذباب فيظل ينخر عبر هذه الثغرة، لكي يهزموا المواطن الجنوبي ويضعفوه معنويًا، ليثنوه عن مطالبته بحقوقه السياسية العادلة.
إلى ذلك خرجت الفعالية الأكاديمية والطلابية الإعلامية بعدد من التوصيات وهي على النحو التالي:
1 - إنشاء غرف رصد إلكتروني ترصد وتفكك الحملات المضللة.
2 - دعم المبادرات الشبابية الإعلامية في الجنوب.
3 - دمج مادة التربية الإعلامية الرقمية في التعليم والإعلام الرسمي.
4 - بناء تحالفات إعلامية جنوبية موحدة على المستوى الداخلي والخارجي.
5 - إطلاق شبكة تواصل جنوبي موثوقة تعتمد على الشفافية وتقديم المعلومة من مصدرها.