> تعز «الأيام» العربي الجديد:

تشهد جامعة تعز عزوف الطلاب عن الالتحاق ببعض كلياتها وأقسامها، ما تسبب بإغلاق عدد من الأقسام، علماً بأن أقساماً أخرى مهددة بالإغلاق بعدما بات عدد الطلاب الملتحقين بها لا يتجاوز عدد أصابع اليد.

وبات إقبال الطلاب على جامعة تعز محصوراً بالالتحاق بثلاث كليات فقط، هي كلية الطب والعلوم الصحية، وكلية الهندسة، وكلية العلوم الإدارية، فيما تدنى الإقبال بشكل كبير جداً على كلية الآداب، وكلية العلوم التطبيقية، وكلية التربية.

وخلال الأعوام الجامعية السابقة كان عدد الملتحقين بكلية التربية بأقسامها المختلفة يصل إلى 3 آلاف طالب وطالبة، لكن عدد الملتحقين بالكلية هذا العام بلغ 196 طالباً وطالبة فقط.

في هذا السياق، يقول د. محمد سعيد الحاج، إن هناك أقسامًا أغلقت في الكلية لعدم إقبال الطلاب عليها، وهي أقسام الفيزياء والرياضيات والأحياء والكيمياء، وهناك أقسام مهددة بالإغلاق وهي علم النفس التي تشمل قسم رياض الأطفال، وقسم الإرشاد النفسي، وقسم التربية الخاصة، بسبب قلة أعداد الطلبة الذين التحقوا بها، ولا يتجاوز عددهم خمسة إلى ثمانية فقط.

ويتحدث عن أسباب العزوف عن الالتحاق بأقسام كلية التربية، منها عدم توظيف الحكومة الخريجين من كلية التربية منذ أكثر من 15 عاماً، وعدم إحالة المتقاعدين من المدرسين إلى التقاعد، وانقطاع الرواتب عن المعلمين، وانهيار العملة الوطنية، الأمر الذي جعل راتب المدرس لا يكفيه للعيش أكثر من أسبوع بسبب ارتفاع أسعار السلع الضرورية، ويضيف أن من أسباب العزوف عن الالتحاق بأقسام الكلية أيضاً، عدم فتح تخصصات جديدة تتناسب مع متطلبات سوق العمل، وعدم قدرة الكلية على دفع حوافز مالية لتشجيع الطلاب على الالتحاق بأقسام الكلية بسبب توقف الدعم الحكومي المالي للجامعة.

وفي كلية الآداب، أغلقت عدة أقسام، أبرزها اللغة الفرنسية، والجغرافيا، والفن التشكيلي بسبب عدم إقبال الطلاب على الالتحاق بها، وبررت الجامعة قرار إغلاق شعبة الفن التشكيلي بقلة الكادر التدريسي، إذ إن معظمهم من المتعاقدين، وانعدام الموارد وزيادة الميزانية التشغيلية، وضعف الإقبال من قبل الطلاب الذين يرون قلة وندرة فرص العمل لخريجي الفن التشكيلي.

ومن بين الأسباب التي فاقمت مشكلة العزوف عن الالتحاق بجامعة تعز، هجرة الكادر الأكاديمي إلى خارج البلاد بسبب الأوضاع الناتجة عن الحرب، ما جعل الجامعة تستعين بمدرسين بنظام التعاقد، في ظل النقص الكبير في الكادر التعليمي. كما أن انتشار الجامعات الخاصة ساهم أيضاً في استقطاب الكادر الأكاديمي لجامعة تعز نتيجة تقديم الجامعات الخاصة أجوراً مالية أعلى.

من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع محمود البكاري، أن قلة الإقبال على بعض الأقسام النظرية يمكن أن يكون بسبب بحث الطلاب وأولياء الأمور عن فرص تعليمية تواكب متطلبات سوق العمل، ومنها التخصصات الطبية والهندسية، مع أن هذه التخصصات على وشك أن تعاني بسبب تخمة الخريجين، وبالتالي فإنه قد يكون هناك مستقبل فيه عزوف عن الالتحاق بهذه التخصصات بسبب تشبع السوق وعدم توفر فرص العمل، لذلك فإن مشكلة التعليم الجامعي سواء الحكومي أو الخاص هي عدم مراعاة خطط التنمية في التخصصات الجامعية، بحسب رأيه، ويضيف أن إحدى أهم النتائج السلبية لما هو قائم حالياً، تتمثل بالمعاناة في المدى المنظور من غياب الكادر التربوي، وخصوصاً مع تقاعد أعداد من المدرسين سنوياً.

من جهتها، تقول الباحثة التربوية ميادة محمد إن هناك جهلاً من قبل الدولة والمجتمع بأهمية العلوم الاجتماعية والإنسانية التي تهتم بدراسة التفكير البشري والمجتمع، وبالتالي فإن إهمال الدولة لمخرجات هذه الأقسام رغم أهميتها، تسبب بعزوف الطلاب عن دراستها، ويجب على الدولة أن تشجع على تدريس هذه العلوم وتوضيح أهميتها للمجتمع، وتوفير كادر مؤهل لتدريس هذه العلوم، وتوفير وظائف للخريجين واستيعابهم، ونشر الوعي بأهمية هذه التخصصات.