- التعريف بسورة الفيل
قال الله -تعالى- في سورة الفيل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}، وهي سورة مكيّة، تتألّف من خمس آيات، وقد نزلت بعد سورة الكافرون، وتشير السورة الكريمة إلى قدرة الله في حماية البيت الحرام، وقد تحدّثت السورة الكريمة عن حادثة الفيل. وقد سُبقت سورة الفيل في ترتيب المصحف الشريف بسورة الهمزة، فقد تحدّثت عن كيد المشركين لرسول الله وهمزهم له، وعدائهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فعقّب بسورة الفيل لبيان أنّ عاقبة كيدهم في الحياة الدنيا تكون بتدميرهم كما تم تدمير أصحاب الفيل وإبطال كيدهم إذا بقوا على ذلك.
- تفسير سورة الفيل
أرسل أبرهة خبرًا إلى أهل مكة بأنّه لم يأتِ لمحاربتهم، وإنما جاء فقط لهدم الكعبة، فذهبوا إلى الجبال ليراقبوا ماذا سيحدث، فأرسل أبرهة إلى عبد المطلب سيد مكة ليقابله،فسأل أبرهة عما يريده عبد المطلب، فأجابه بأنّ له مئتي بعير قد أهلكها أبرهة خلال طريقه إلى مكة، فاستنكر أبرهة مطلبه، فقد ترك الحديث عن نيّة هدم أبرهة للكعبة وتكلّم فقط عن بعيره، فما كان من عزّة عبد المطلب ويقينه إلا أن قال له بأنّ للبيت ربًّا يحميه من جيشه، ثم توجه عبد المطلب مع مجموعة من أهل مكة نحو الكعبة؛ يدعون الله تعالى، وتوجّه أبرهة نحو مكة المكرّمة مريدًا الكعبة لهدمها.
- جزاء أصحاب الفيل
- التعريف بسورة قريش
- سبب نزول سورة قريش
فالله عزّ وجل وسّع لهم في الرزق، وأعطاهم القبول والأمان في الأرض، فاستطاعوا أن يأمنوا على أنفسهم وأموالهم وطعامهم وتجارتهم، ويجدوا قوتهم، ولذا أرشدهم في هذه السورة أن يؤمنوا به ويشكروا هذه النعم؛ فمن آمن واستجاب لأمر الله تعالى اجتمع له أمان الدنيا وأمان الآخرة، ومن عاند واستكبر وبقي على الكفر وعصاه، سلب منه هذا الأمان.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه بما يوافق ذلك ويدلّ عليه، في قوله: (وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّـهِ فَأَذاقَهَا اللَّـهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ).
- تفسير سورة قريش
سورة قريش هي امتداد لسورة الفيل، فقد حفظ الله هذا البيت من كيد المعتدين، ( وكان لحادث الفيل أثر مضاعف في زيادة حرمة البيت عند العرب في جميع أنحاء الجزيرة، وزيادة مكانة أهله وسدنته من قريش، مما ساعدهم على أن يسيروا في الأرض آمنين، حيثما حلّوا وجدوا الكرامة والرعاية. وشجعهم ذلك على إنشاء خطين عظيمين من خطوط التجارة –عن طريق القوافل- إلى اليمن في الجنوب، وإلى الشام في الشمال، وإلى تنظيم رحلتين تجاريتين ضخمتين : إحداهما إلى اليمن في الشتاء، والثانية إلى الشام في الصيف ).
وكانت حالة الأمن مضطربة في شعاب الجزيرة، يفتخر الناس فيها بالصعلكة والسلب والإغارة والنهب، ويعتدون على قوافل التجارة، إن أن حرمة البيت في أنحاء الجزيرة قد كفلت لجيرانه الأمن والسلامة، وجعلت لقريش منزلة ظاهرة بين العرب، وفتحت أمامها أبواب الرزق الواسع المكفول في أمان وسلامة وطمأنينة، وألفت نفوسهم هاتين الرحلتين الآمنتين الرابحتين، فصارتا لهم عادة وإلفا. وقد امتن الله على قريش بحادثة الفيل وحماية البيت، وامتن عليهم بالأمان والحماية لهم، وسعة الرزق ورغد العيش من ربح التجارة، وبلادهم قفرة جفرة وهم طامعون هانئون من فضل الله.
مع آيات السورة
لإيلاف قريش* إيلافهم رحلة الشتاء والصيف* فليعبدوا ربّ هذا البيت* الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
المعنى : ألفت قريش واعتادت، أن ترحل إلى ما جاورها من البلاد، سعيا وراء الرزق، وجلبا لمعايشهم، وترويجا لتجارتهم.
والله سبحانه يمتن عليهم بذلك، ويقول لهم : من أجل إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي كفل لهم الأمن فجعل نفوسهم تألف الرحلة، وتنال من ورائها ما تنال.
فليعبدوا ربّ هذا البيت* الذي أطعمهم من جوع... وأنقذهم من الجماعات التي تنزل بهم وبأمثالهم من سكان البراري، وآمنهم من خوف. العدو، أو كوارث الحياة.
وكان الأصل بحسب ما هم فيه من ضعف، وبحسب حالة البيئة أن يكونوا في خوف، فآمنهم من هذا الخوف.
فليشكر قومك يا محمد ربهم على هذه النعم، وليؤمنوا بربوبيته، وليقرّوا بعبوديتهم، وليعبدوه بما هو أهل له من العبادة.
وقريب من هذه السورة قوله تعالى : أو لم نمكّن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون. ( القصص : 57).
- مقاصد سورة قريش
دوام النعم وبقاؤها يكون بشكرها، وذلك بشكر المنعِم وإخلاص العبادة لله عز وجل وحده، وعدم الإشراك به، وطاعته بما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.