منذ اندلاع الحرب وتغير موازين السلطة في اليمن، أصبح الخارج ملاذًا لعدد كبير من المسؤولين اليمنيين، بمختلف انتماءاتهم ومناصبهم، سواء في الحكومة الشرعية أو في مؤسسات تابعة لأطراف أخرى. لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: تحت أي صفة يقيم هؤلاء في الخارج؟
لو كانوا معارضين، لكان لديهم خطاب سياسي واضح ضد السلطات القائمة، لكنهم في الغالب يتقاضون رواتبهم من الدولة، ويظهرون كمسؤولين حكوميين عند الحاجة، بينما يقضون حياتهم في الخارج كأفراد عاديين. هم لا يخوضون معارك سياسية حقيقية، ولا يديرون شؤون الدولة بشكل فاعل، بل يراقبون المشهد من بُعد، مكتفين بإصدار التصريحات المتفرقة أو حضور الاجتماعات الشكلية.
تتولى ميزانية الدولة – أو ما تبقى منها – تغطية رواتب الكثير من هؤلاء المسؤولين، مما يثير تساؤلات حول مشروعية إنفاق المال العام على مسؤولين لا يمارسون وظائفهم داخل البلاد. لا يمكن لأي دولة في العالم أن تحتمل إدارة شؤونها من الخارج لفترة طويلة، فكيف بدولة تعاني من أزمة وجودية كتلك التي تمر بها اليمن؟
من هم إذن؟
الحل؟
الحل يبدأ بإعادة النظر في شرعية بقائهم في مناصبهم أثناء إقامتهم في الخارج. يجب فرض آليات واضحة لمحاسبتهم، وإلزامهم إما بالعودة إلى الداخل لممارسة مسؤولياتهم، أو إعلان استقالتهم وإفساح المجال لمن هم مستعدون للعمل فعليًا.
الشرعية لا تُكتسب من السفر والجوازات الدبلوماسية، بل من العمل الحقيقي داخل البلاد. أما الاستمرار في هذا الوضع، فهو ليس سوى شكل آخر من أشكال الفساد، يتم تحت غطاء المناصب الحكومية.
ليسوا لاجئين، فماذا إذن؟
اللجوء السياسي أو الإنساني يُمنح لمن هم ملاحقون أو مهددون ولا يستطيعون العودة إلى وطنهم. لكن معظم هؤلاء المسؤولين يمكنهم العودة، ولا يوجد قرار رسمي يمنعهم، بل إن بعضهم يسافر إلى الداخل بين الحين والآخر.
إذن، هم ليسوا لاجئين بالمعنى القانوني، بل اختاروا حياة الاغتراب الطوعي.
لا هم معارضون، ولا هم فاعلون أيضاً!
- إقامة خارجية بتمويل داخلي!
- ازدواجية الولاء والانتماء
بعض هؤلاء المسؤولين يقيمون في دول توفر لهم ملاذًا مريحًا، بينما يحتفظون بعلاقاتهم داخل اليمن عبر وكلاء أو أقارب يديرون مصالحهم. هذه الازدواجية تضعف ولاءهم الحقيقي لأي طرف، فهم مستفيدون من وضعهم الحالي وغير مستعدين للتخلي عنه، سواء عاد الاستقرار إلى اليمن أو استمرت الفوضى.
إذا لم يكونوا لاجئين، ولا معارضين، ولا محرومين من العودة، فمن هم؟ إنهم طبقة من المسؤولين الذين تحولوا إلى "نخب مغتربة" تحت غطاء الشرعية أو المناصب الرسمية، لكنهم عمليًا منفصلون عن الواقع الذي يُفترض أن يديروه. هم موظفون دوليون بدون وظيفة فعلية، يعيشون حياة الترف في الخارج بينما يعاني الشعب في الداخل.
الحل يبدأ بإعادة النظر في شرعية بقائهم في مناصبهم أثناء إقامتهم في الخارج. يجب فرض آليات واضحة لمحاسبتهم، وإلزامهم إما بالعودة إلى الداخل لممارسة مسؤولياتهم، أو إعلان استقالتهم وإفساح المجال لمن هم مستعدون للعمل فعليًا.
الشرعية لا تُكتسب من السفر والجوازات الدبلوماسية، بل من العمل الحقيقي داخل البلاد. أما الاستمرار في هذا الوضع، فهو ليس سوى شكل آخر من أشكال الفساد، يتم تحت غطاء المناصب الحكومية.