​> قال تعالى متحدثاً عن فاكهة أهل الجنة: ((وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ)) [الواقعة:29 ].

إنَّ مِنَ العجيبِ أنّ المئةَ غرامٍ من فاكهةِ المَوزِ تُعطِي مِن الحُرَيْرَاتِ ما تُعطِيه مئةُ غرامٍ أخرى مِنَ اللحمِ، فهي مِنَ الموادِّ التي تُعطِي الطاقةَ، وفي هذه الفاكهةِ نسبةٌ من الكالسيوم، والفوسفورِ، والحديدِ، والبوتاسيوم، والنحاسِ، والفلورِ، وهذه كلُّها معادنُ أساسيةٌ جداً يحتاجُها الإنسانُ، بل إنّ ثلاثَ حباتٍ من هذه الفاكهةِ تعطِي الإنسانَ كِفايتَه التامَّةَ مِن هذه المعادنِ في اليومِ، كما أنّ في هذه الفاكهةِ ثمانيَةَ فيتاميناتٍ أساسيةٍ، لها تأثيرٌ كبيرٌ في عملِ أجهزةِ الإنسانِ، ثم إنَّ هذه الفاكهةَ يكمِّلُها الحليبُ الذي امتنَّ اللهُ به علينا، والخبزُ الذي جَعَلَه قوتاً لنا.

إذاً فالإنسانُ الذي يأكلُ هذه الفاكهةَ ينبغي أنْ يعلمَ علمَ اليقينِ أنّها مخلوقةٌ خِصِّيصى له، وإنّ الإنسانَ المؤمنَ يرى أنّ اللهَ سبحانه وتعالى سَخَّرَ له ما في الأرضِ جميعاً من تسخيرَ تكريمٍِ، وتسخيرَ تعريفٍ، فهذه العلاقةُ بين حاجةِ الجسمِ، ولا سيما جسمِ الأطفال، ومقوِّماتِ هذه الفاكهةِ علاقةٌ دقيقةٌ جداً، الكالسيوم مع الفوسفور، مع البوتاسيوم، مع النحاس، مع الفلور الذي يقاوِمُّ نخْرَ الأسنانِ، كلُّها في هذه الفاكهةِ، والفيتامين (ب 1) ، و (ب 2) ، و (ب 6) ، و (ب 12) ، وفيتامين (د) ، وفيتامين (و) ، ثمانيةُ أنواعٍ من الفيتامينات موجودةٌ في هذه الفاكهةِ، وفيها مِنَ الموادِّ السكريةِ، وبعضِ الموادِّ الدهنيةِ، وبعضِ الموادِّ البروتينيةِ، والماءِ، فهذه مِن نِعَمِ اللهِ عز وجل التي امتنَّ اللهُ بها علينا؟!.

> الخل
عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقاً مِنْ خُبْرٍ، فَقَالَ: "مَا مِنْ أُدُمٍ؟ " فَقَالُوا: لاَ، إِلاَّ شَيءٌ مِنْ خَلٍّ، قَالَ: "فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأُدُمُ"، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ".

وفي حديثٍ آخرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نِعْمَ الأُدُمُ أَوِ الإِدَامُ الْخَلُّ".

اكتشفَ العلماءُ أنّ للخلِّ فوائدَ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، فقالوا: "الخلُّ يقتلُ الجراثيمَ خلالَ دقائقَ داخلَ المعدةِ"، فإذا لم يكن تعقيمُ طبقِ السَّلَطة جيداً فالخلُّ الذي فيها يعقّمُه، بل إنّه يَقِي المعدةَ من الإلتهابات والتَّسَمُّماتِ، وفيه مِنَ المعادنِ: البوتاسيوم، والفوسفور، والكلورين، والصوديوم، والمغنيزيوم، والكالسيوم، والكبريت، وقيمتُه الحروريةُ أو الكالورية صفرٌ، وهو يُداوِي التهاباتِ الفمِ والحلقِ، ويُزيلُ الشحومَ، ويسكِّنُ ألمَ الشقيقةَ، ويَشفِي التهابَ المفاصلِ، ويزيلُ الترسباتِ داخلَ شرايينِ الجسمِ، فكلامُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا ليس من عندِه، إنِ هو إلا وحيٌ يوحَى، إنه طبيبُ القلوبِ، وطبيبُ الأجسامِ، والخلُّ مِن الطبِّ النبوي، ولا سيما خلُّ التفاحِ.

قال ابنُ القيِّم: "الخلُّ مركَّبٌ من الحرارةِ، والبرودةُ أغلبُ عليه ... يمنعُ من انصبابِ الموادِّ، ويلطِّفُ الطبيعةَ، والخَلُّ ينفعُ المعدةَ الملتهبةَ، ويقمعُ الصفراءَ، ويدفعُ ضررَ الأدويةِ القتَّالةِ، ويحلِّل اللبنَ والدمَ إذا جَمَدا في الجوفِ، وينفعُ الطحالَ، ويدبغُ المعدةَ، ويعقلُ البطنَ، ويقطعُ العطشَ، ويمنعُ الورمَ حيثُ يريدُ أنْ يحدثَ، ويُعِينُ على الهضمِ، ويضادُّ البلغمَ، ويلطِّف الأغذيةَ الغليظةَ، ويُرِقُّ الدمَ، وإذا شُرِبَ بالملحِ نَفَعَ مَن أَكَلَ الفِطْرَ القاتلَ، وإذا احتُسِيَ قَطَعَ العلقَ المتعلِّقَ بأصلِ الحنكِ، وإذا تُمُضمِضَ به مسخَّناً نَفَعَ من وجعِ الأسنانِ، وقَوَّى اللثةَ ... وهو نافعٌ للأورامِ الحارة، وحرِق النارِ، وهو مُشَهٍّ للأكلِ، مُطَيِّبٌ للمعدةِ ... ".
لقد صَدَقَ رسولُ الله - الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم - حين قال: "نِعْمَ الأُدُمُ، أَوِ الإِدَامُ الْخَلُّ".