> عدن "الأيام" خاص:

شهدت العاصمة عدن، أمس الأول، أمسية رمضانية سياسية نظمتها الدائرة السياسية في الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، تحت عنوان "التحولات السياسية في المنطقة وانعكاساتها على قضية شعب الجنوب"، وذلك بالشراكة مع دائرة المرأة والطفل، وبحضور عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية.
  • التحولات الإقليمية والعالمية وتأثيرها على الجنوب
تناولت الأمسية أبرز التغيرات السياسية المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي، والتي تشهد تحولات دراماتيكية منذ تولي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السلطة، حيث اتسمت السياسة الدولية بتراجع الدور الأميركي في بعض المناطق، ما أدى إلى تغيرات جوهرية في موازين القوى العالمية.

على الصعيد الأوروبي، برزت مؤشرات واضحة على تراجع الدعم الأميركي التقليدي لحلفاء واشنطن، وخاصة فيما يتعلق بأوكرانيا، حيث أدى انكماش المظلة الأمنية الأميركية إلى محاولات أوروبية لاستعادة قوتها من خلال تعزيز القدرات العسكرية الذاتية، وهو ما تُرجم في الحديث عن إنشاء قوة عسكرية أوروبية مستقلة عن الناتو، فضلًا عن سعي دول القارة لتعزيز قدراتها الاستخباراتية في مواجهة أي تهديدات روسية محتملة.

أما في الشرق الأوسط، فقد شهدت المنطقة تصعيدًا غير مسبوق منذ أكتوبر 2023، مع تفاقم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عقب اختراق الأسلاك الحدودية الإسرائيلية في غزة، وهو الحدث الذي شكل شرارة لموجة جديدة من المواجهات العسكرية والسياسية، تزامنت مع ضربات جوية مكثفة استهدفت حزب الله في لبنان، إضافة إلى تزايد الضغوط على النظام السوري، فضلًا عن تصاعد التوتر في اليمن من خلال استمرار الحوثيين في استعراض قوتهم العسكرية رغم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
  • دور إيران وتراجع نفوذها في المنطقة
شهدت السنوات الأخيرة قصقصة لأذرع إيران في عدة دول عربية، حيث تأثر الوجود الإيراني في سوريا ولبنان بشكل واضح، مع تزايد الضغط الأميركي والإسرائيلي على طهران وحلفائها، ورغم استمرار الدعم الإيراني لحركات مثل الحوثيين في اليمن إلا أن التحركات الأميركية الأخيرة جاءت لفرض مزيد من العزلة على هذه الجماعات، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الوضع في الجنوب العربي.
  • الجنوب العربي بين المصالح الإقليمية والتحديات المحلية
يحتل الجنوب العربي موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا، حيث يتحكم في أحد أهم الممرات الملاحية العالمية عند مضيق باب المندب وخليج عدن، مما يجعله محل اهتمام القوى الإقليمية والدولية. هذا الموقع جعله أيضًا ساحة لصراعات النفوذ بين مختلف الفاعلين الدوليين، مما يفرض على القيادة السياسية في الجنوب ضرورة التعامل مع هذه التطورات بحكمة وواقعية.

وفي هذا السياق، أشار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي خلال الأمسية إلى أهمية العمل السياسي الخارجي المكثف مع الأطراف الفاعلة إقليميًا ودوليًا، إضافة إلى ضرورة استكمال الحوار الجنوبي الداخلي، وتنسيق المواقف بين القوى السياسية الجنوبية لضمان وحدة الصف الجنوبي في مواجهة التحديات المستقبلية.
  • المهام المستقبلية وأولويات القيادة الجنوبية
في ظل هذه المتغيرات المتسارعة تبرز مهمتان أساسيتان أمام القيادة السياسية في الجنوب:

تعزيز العمل السياسي والدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية لضمان مصالح الجنوب العربي، والتعامل بمرونة مع المستجدات السياسية على الساحة الدولية.

استكمال الحوار الجنوبي الداخلي من خلال توحيد القوى السياسية الجنوبية، وتجاوز الخلافات الداخلية التي قد تشكل عائقًا أمام تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في تقرير مصيره.

ختامًا، فإن التحولات السياسية في المنطقة تفرض تحديات جديدة على الجنوب العربي، إلا أنها في الوقت ذاته تفتح آفاقًا جديدة يمكن الاستفادة منها لتعزيز الحضور السياسي للجنوب على الساحة الإقليمية والدولية. ومع استمرار العمل الدبلوماسي الداخلي والخارجي، يمكن تحقيق توازن يضمن مصالح الجنوب ويعزز من فرصه في المستقبل.