> "الأيام" العرب اللندنية:

​حاول الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود استقطاب الولايات المتحدة إلى جواره وإبعادها عن إقليم أرض الصومال الراغب في الانفصال، من خلال تقديم عرض سخي إلى واشنطن لإنشاء قواعد عسكرية، في موقف اعتبره مراقبون أقرب إلى رسالة يائسة في ظل توجه واشنطن للتقارب مع أرض الصومال.

وقال رئيس الصومال في رسالة وجهها إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن بلاده مستعدة لعرض السيطرة الحصرية على قواعد جوية وموانئ إستراتيجية، تشمل القاعدتين الجويتين في باليدوجل وبربرة وميناءي بربرة وبوصاصو.

ويمنح هذا العرض الولايات المتحدة وجودا عسكريا قويا في منطقة القرن الأفريقي، في وقت تتطلع فيه إلى المزيد من المواجهة مع ما يمثله متشددون إسلاميون في الصومال، ينتمون إلى تنظيم داعش، وآخرون ينتمون إلى حركة الشباب الصومالية المتطرفة، المحسوبة على تنظيم القاعدة.

وأكدت رسالة الرئيس الصومالي أن الأماكن المعروضة ذات مواقع إستراتيجية، وتمثل فرصة لتعزيز المشاركة الأميركية في المنطقة، ما يضمن وصولا عسكريا ولوجستيا دون انقطاع مع منع المنافسين من ترسيخ وجودهم في هذا الممر الحيوي.

وقال وزير خارجية أرض الصومال عبدالرحمن ضاهر عدن “أيّ تعاون؟ تخلت الولايات المتحدة عن النظام الفاسد المسمى الصومال. الولايات المتحدة مستعدة الآن للتعامل مع أرض الصومال التي أظهرت أنها دولة مسالمة ومستقرة وديمقراطية“.

وجاءت رسالة رئيس الصومال حسن شيخ محمود إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسط مخاوف من أن توقف الولايات المتحدة دعمها لمشروع بناء الدولة في الصومال.

وأفادت وسائل إعلام في ديسمبر الماضي أن ترامب مهتم بالاعتراف بأرض الصومال، ما يسمح للاستخبارات الأميركية بإجراء عمليات طويلة الأجل لمراقبة حركة الأسلحة في المنطقة المضطربة، ومراقبة النشاط الصيني.

ودعت لجنة فرعية مؤثرة معنية بالصين في مجلس النواب الأميركي في يناير الماضي وزارة الخارجية إلى فتح مكتب تمثيلي في أرض الصومال.

ويقول مراقبون إن إدارة الرئيس ترامب أكثر انفتاحا على مراجعة السياسة الخارجية الأميركية طويلة الأمد، وقد يكون هناك انفتاح أكبر على إقامة علاقات بناء على المصالح الإستراتيجية والوقائع على الأرض بدلا من السياسات الموروثة.

وقد يؤدي أيّ شكل من أشكال الاعتراف بأرض الصومال إلى نشوب صراع محتمل، حيث تصاعد التوتر عندما وقّعت قيادة الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا تقضي بمنحها منفذا بحريا وقاعدة عسكرية وتسهيلات لوجستية مقابل الاعتراف الرسمي بها.

ووقفت مقديشو ضد الصفقة، ووقّعت مع القاهرة اتفاقا أمنيا، وأرسلت مصر لها معدات عسكرية للضغط على أديس أبابا، وتمكنت تركيا مؤخرا من تحسين العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، وتم تجميد مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، على أن يمنح الصومال أديس أبابا منفذا بحريا لأغراض تجارية وليست عسكرية.

ووصف رئيس مكتب تنسيق الأمن في بونتلاند محمد مبارك الرسالة التي أرسلتها مقديشو إلى واشنطن بأنها “تنضح يأسا.. الحكومة الفيدرالية لا تسيطر على أيّ أراض خارج مقديشو وما حولها، وهي محاولة يائسة لإظهار نفوذها خارج تلك المنطقة“.

وكشفت تقارير إعلامية في ديسمبر الماضي عن خطة لإدارة أرض الصومال حول منح قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في مدينة بربرة، وأن بشير غود ممثل أرض الصومال في واشنطن ذكر أن إقليمه مستعد لمنحها قاعدة بما يخدم مصالح الجانبين، وأن حكام الإقليم يريدون التعامل مباشرة مع الولايات المتحدة دون طرف ثالث.

وبعد الانتخابات التي عقدت في أرض الصومال في نوفمبر الماضي، كثر الحديث عن إمكانية اعتراف واشنطن بأرض الصومال، وأن هناك مشاريع قوانين قدمت إلى بعض المجالس الأميركية الراغبة في الاعتراف بأرض الصومال.

وأكد الرئيس حسن شيخ محمود التزامه بتعميق هذه الشراكة، مع تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الأمنية واللوجستية، واستعداده لمناقشات رسمية حول المقترح، مطالبا الرئيس ترامب بإرسال وفد أميركي إلى مقديشو في الوقت المناسب للطرفين.

وتستند رسالة الرئيس الصومالي إلى شراكة تاريخية بين مقديشو وواشنطن، التي بدأت في عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، عندما سمحت الحكومة العسكرية السابقة في الصومال للولايات المتحدة باستخدام ثلاثة مطارات في مقديشو وكيسمايو وبربرة.

وتقع بربرة في إقليم أرض الصومال الذي يسعى للانفصال والحصول على اعتراف دولي بذلك، ما يعني أن عرض السيطرة على الميناء قد يؤدي إلى صدام جديد بين الحكومة المحلية في أرض الصومال والحكومة المركزية في مقديشو.

وقام قادة في القيادة الأميركية المركزية في أفريقيا (أفريكوم) بزيارة مدينة بربرة في السنوات الماضية، وثمة تقارير أفادت بأن واشنطن مهتمة باتخاذ قاعدة عسكرية في هذه المنطقة الحيوية.

وميناء بربرة وقاعدته الجوية مواقع حاسمة يمكن الاستفادة منها لرصد ومواجهة هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتبعد باليدوجل نحو 90 كيلومترا شمالي غرب العاصمة مقديشو، بينما بوصاصو في ولاية بونتلاند المتمتعة بحكم شبه ذاتي.