> فاروق يوسف:
منذ أن سيطر الحوثيون على صنعاء عام 2014 نجحت إيران في أن يكون لها نفوذ في بلاد سبأ التي تكتسب جزءا من أهميتها المعاصرة على المستوى الجيوسياسي من كونها تمتلك حدودا طويلة مع المملكة العربية السعودية. وفي ذلك ما يثير الرغبة العدوانية لدى النظام الإيراني إضافة إلى أن موقع الجزء الشمالي من اليمن على البحر الأحمر يثير شهوة السيطرة على ممرات الملاحة في منطقة إستراتيجية عالميا، كونها تؤدي إلى قناة السويس وتمثل بوابتها.
لم يعد اليوم الحديث عن المسافة المذهبية التي تفصل بين جماعة الحوثي الزيدية وبين إيران الإثني عشرية شيعيا مناسبا أو مفيدا. ذلك لأن كل شيء صار تابعا لمصالح سياسية ركنت كل خلاف مذهبي جانبا وضمت تحت معطفها الطرفين. وهما ليسا متساويين لا في الحجم ولا في القوة لا في القيمة. غير أنهما متساويان من جهة عدائهما للعالم العربي وفي مقدمته المملكة. لقد تمت تغطية ذلك الاتفاق السياسي النفعي بشعارات الحماسة للمذهب.
تصرف الحوثيون بذكاء حين خُيّل إليهم أنهم يستدرجون إيران إلى صراع مباشر مع جارتهم الكبرى، فيما كان الإيرانيون يفكرون بطريقتهم الخبيثة. لقد عثروا على ضالتهم في إزعاج المملكة من جنوبها فيما كانت لديهم وسيلتهم الجاهزة للإزعاج شمالا والمتمثلة في الميليشيات العراقية. وإذا ما تذكرنا أن حسن نصرالله كان يهدد بين حين وآخر المملكة بصواريخه يمكننا القول إن إيران نجحت في الوصول إلى هدفها في إرباك السعودية ودفعها إلى الشعور بعدم الأمان. وهي محقة في ذلك.
زودت إيران وكلاءها بكل ما تملك من سلاح تقليدي متقدم. كان في إمكانها أن تشن حربا على السعودية من غير أن تقع المسؤولية عليها. وعلى الرغم من أن إيران تفكر بطريقة بدائية في مواجهة القانون الدولي فأنها تعرف جيدا أن هناك مَن يبتز المملكة من خلالها لذلك فإن كل ما يقع للمملكة لن تتحمل مسؤوليته وإن كانت هي الفاعلة من وراء ستار. هناك تواطؤ أميركي ربحت منه إيران الكثير من الأوقات والمنافع.
عهدت إيران بعد ذلك للحوثيين دورا أكبر منهم بكثير. فالحوثيون الذين يحكمون الجزء الشمالي من اليمن لا يملكون برنامجا سياسيا لإعادة بناء الدولة اليمنية المنهارة وهم على بينة من أن تطبيع أوضاعهم عالميا يمر من خلال البنية السياسية التي هي بنية قبلية في بلادهم لذلك فقد كان هروبهم إلى الخارج هو الحل الأمثل لمأزقهم. رغب الحوثيون في ممارسة دور أكبر منهم من أجل ألا يواجهوا حقيقة أنهم من أجل أن يتم نسيان غدرهم بالأطراف اليمنية الأخرى قفزوا على محليتهم ليكونوا جزءا من مشكلة عالمية.
لم تكن إيران تتفرج، بل إنها هي الجهة التي خططت للحوثي عبدالملك مساره ورسمت له شخصيته وهو ما دفعه متأثرا بالدعاية الإيرانية إلى التفكير في أن يكون نصرالله اليمن. ذلك لم يعد نافعا اليوم، بل إن الصورة لم تعد كافية للتغطية على حقيقة الوضع السيء. لقد قُتل حسن نصرالله وقياداته كلها ولم تفعل إيران شيئا. هُزمت إيران في لبنان بعد أن تم تدمير حزب الله وهو تاج إمبراطوريتها الوهمية ولم تفعل شيئا. وهو ما يعني أن الحوثي عبدالملك وهو أقل قيمة من نصرالله بمئات بل وآلاف المرات يمكن أن يُقتل ولا ترى إيران مصلحة لها في الثأر.
لم يعد اليوم الحديث عن المسافة المذهبية التي تفصل بين جماعة الحوثي الزيدية وبين إيران الإثني عشرية شيعيا مناسبا أو مفيدا. ذلك لأن كل شيء صار تابعا لمصالح سياسية ركنت كل خلاف مذهبي جانبا وضمت تحت معطفها الطرفين. وهما ليسا متساويين لا في الحجم ولا في القوة لا في القيمة. غير أنهما متساويان من جهة عدائهما للعالم العربي وفي مقدمته المملكة. لقد تمت تغطية ذلك الاتفاق السياسي النفعي بشعارات الحماسة للمذهب.
تصرف الحوثيون بذكاء حين خُيّل إليهم أنهم يستدرجون إيران إلى صراع مباشر مع جارتهم الكبرى، فيما كان الإيرانيون يفكرون بطريقتهم الخبيثة. لقد عثروا على ضالتهم في إزعاج المملكة من جنوبها فيما كانت لديهم وسيلتهم الجاهزة للإزعاج شمالا والمتمثلة في الميليشيات العراقية. وإذا ما تذكرنا أن حسن نصرالله كان يهدد بين حين وآخر المملكة بصواريخه يمكننا القول إن إيران نجحت في الوصول إلى هدفها في إرباك السعودية ودفعها إلى الشعور بعدم الأمان. وهي محقة في ذلك.
زودت إيران وكلاءها بكل ما تملك من سلاح تقليدي متقدم. كان في إمكانها أن تشن حربا على السعودية من غير أن تقع المسؤولية عليها. وعلى الرغم من أن إيران تفكر بطريقة بدائية في مواجهة القانون الدولي فأنها تعرف جيدا أن هناك مَن يبتز المملكة من خلالها لذلك فإن كل ما يقع للمملكة لن تتحمل مسؤوليته وإن كانت هي الفاعلة من وراء ستار. هناك تواطؤ أميركي ربحت منه إيران الكثير من الأوقات والمنافع.
عهدت إيران بعد ذلك للحوثيين دورا أكبر منهم بكثير. فالحوثيون الذين يحكمون الجزء الشمالي من اليمن لا يملكون برنامجا سياسيا لإعادة بناء الدولة اليمنية المنهارة وهم على بينة من أن تطبيع أوضاعهم عالميا يمر من خلال البنية السياسية التي هي بنية قبلية في بلادهم لذلك فقد كان هروبهم إلى الخارج هو الحل الأمثل لمأزقهم. رغب الحوثيون في ممارسة دور أكبر منهم من أجل ألا يواجهوا حقيقة أنهم من أجل أن يتم نسيان غدرهم بالأطراف اليمنية الأخرى قفزوا على محليتهم ليكونوا جزءا من مشكلة عالمية.
لم تكن إيران تتفرج، بل إنها هي الجهة التي خططت للحوثي عبدالملك مساره ورسمت له شخصيته وهو ما دفعه متأثرا بالدعاية الإيرانية إلى التفكير في أن يكون نصرالله اليمن. ذلك لم يعد نافعا اليوم، بل إن الصورة لم تعد كافية للتغطية على حقيقة الوضع السيء. لقد قُتل حسن نصرالله وقياداته كلها ولم تفعل إيران شيئا. هُزمت إيران في لبنان بعد أن تم تدمير حزب الله وهو تاج إمبراطوريتها الوهمية ولم تفعل شيئا. وهو ما يعني أن الحوثي عبدالملك وهو أقل قيمة من نصرالله بمئات بل وآلاف المرات يمكن أن يُقتل ولا ترى إيران مصلحة لها في الثأر.
ولكن إيران يمكن أن تتخلى عن الحوثي عبدالملك قبل أن يتم اغتياله. صحيح أن ما يقوم به الحوثيون سواء على مستوى تهديد الاقتصاد العالمي من خلال قصف السفن المارة بالبحر الأحمر أو إرسال المسيرات إلى الأراضي الفلسطينية ضروري بالنسبة إلى إيران غير أن تلك الضرورة لن يكون لها محل في الإعراب إذا ما قررت إيران النجاة بنفسها وترك الحوثيين يواجهون مصيرا أسوأ من مصير حزب الله أو حركة حماس. إيران محقة حين تفكّر في مصيرها ولا تفكّر في الآخرين الذي لا يفكرون في مصيرهم.
ستتخلى إيران عن الحوثي وجماعته حين تقرر الولايات المتحدة ذلك. فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة صارت مضطرة لتوجيه ضربات نوعية إلى الحوثيين، غير أنها كانت عبر السنوات الماضية مقتنعة بأن يمنا يحكمه الحوثيون هو الأقرب إلى رؤيتها القائمة على ابتزاز السعودية ودول الخليج. اليوم تغيرت المعادلة لأن الحوثيين صاروا يزعجون إسرائيل. صار القضاء عليهم ضروريا. وهو ما لن تعارضه إيران.
عن "العرب اللندنية"