> «الأيام» غرفة الأخبار

​حذرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ومحللون من مؤشرات مقلقة تنذر بتعقيد المشهد الأمني في منطقة القرن الإفريقي، خاصة ما يتعلق بالتقارب المتزايد بين حركة "الشباب" في الصومال والحوثيين في اليمن.

هذا ما كشفته بيانات أممية حديثة، ما فتح الباب أمام تشكّيل تحالفات عابرة للحدود في بيئة إقليمية متقلبة تحيط بها صراعات ومنافسات متشابكة، وفق التقرير.

ويتناول تقرير الصحيفة "الصعود السريع والسقوط الحاد" لتنظيم "داعش" في منطقة بونتلاند شمال شرقي الصومال، والذي تمكن من استقطاب نفوذ واسع في مواجهة حركة "الشباب"، قبل أن تتعرض معاقله لانهيار مدو بفعل تنسيق عسكري بين القوات المحلية المدعومة جوًا من الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي تقريرها الذي حمل عنوان "في جبال بونتلاند... الصعود السريع والانهيار الحاد لمقر داعش الرئيس"، سلطت "لوفيغارو" الضوء على قدرة القوات المحلية، بدعم أمريكي مكثف، على القضاء خلال أشهر قليلة على الجزء الأكبر من عناصر تنظيم "داعش" في تلك المنطقة النائية، مستندة إلى مصادر ميدانية وتقارير استخباراتية.

ولكن رغم هذا النجاح الأمني، أوضحت الصحيفة أن هناك تحذيرات جدية من احتمالات انفلات أمني نتيجة ظهور مؤشرات على تقارب متزايد بين حركة "الشباب" والحوثيين في اليمن، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحالفات إقليمية جديدة تزيد تعقيد الوضع الأمني في القرن الإفريقي.

وفي حوار مع "إرم نيوز"، أكد الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون إفريقيا والتنظيمات الإرهابية بمركز التحليل الجيوسياسي CERAS، فرانك دوبريه، أن "الإنجازات التكتيكية التي حققتها الضربات الأمريكية، على الرغم من أهميتها، قد تظل محدودة التأثير إذا لم تُعالج الأسباب العميقة التي تدفع الشباب المحلي للتجنيد في صفوف التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية الصعبة والبنية التحتية المتدهورة التي يستغلها الإرهابيون لتجنيد المقاتلين".

كما وصف دوبريه التقارب بين الحوثيين وحركة "الشباب" بأنه مؤشر خطير يعكس تحول الصومال إلى ساحة توظيف للصراعات الطائفية والإقليمية، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية.

الأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب دوبريه، هو التقارب الواضح بين "الشباب" والحوثيين، خصوصًا أن الحوثيين يتعرضون أيضًا لغارات أمريكية مستمرة في منطقة البحر الأحمر.

وأشار إلى تقرير صادر عن الأمم المتحدة في فبراير 2025، يوضح أن ممثلي التنظيمين عقدوا اجتماعات سرية في يوليو وسبتمبر من العام 2024.

ورأى الباحث الفرنسي أن هذه اللقاءات يمكن أن تمثل بداية انتقال تدريجي للخبرات والأسلحة من اليمن إلى الصومال، وهو تطور قد يغير بشكل جذري موازين القوى في منطقة القرن الإفريقي، ويعزز من قدرة الجماعات المسلحة على ابتزاز الأطراف المحلية والإقليمية، خاصة في مناطق النزاعات البحرية ذات الأهمية الاستراتيجية.

الصحيفة الفرنسية نقلت أيضًا شهادات نادرة من السكان المحليين في الصومال تكشف عن تفاصيل تأسيس "خلافة جنينية" لتنظيم داعش، تطورت لاحقًا إلى مركز مالي وعسكري للتنظيم في المنطقة.
  • ضربات مستمرة
على صعيد متصل، تواصل الولايات المتحدة حملتها الجوية ضد حركة "الشباب" في الصومال، حيث نشر البيت الأبيض أخيرًا فيديو لغارة جوية أسفرت عن مقتل عشرة عناصر، ما رفع حصيلة قتلى الضربات الأمريكية منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة إلى أكثر من مئة عنصر من التنظيمات المتطرفة، بينهم قياديون بارزون.

ورغم ما تعلنه واشنطن من نجاحات أمنية كبيرة، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى استمرارية النشاطات، كما ظهر جليًا في الهجوم الذي شنه مقاتلو "الشباب" بقذائف الهاون على العاصمة مقديشو الأسبوع الماضي.

وفيما يتعلق بوجهة نظر السكان المحليين، تشير دراسات أجراها مركز حماية المدنيين في النزاعات إلى أن الضربات الجوية الأمريكية تُعد بالنسبة لهم نوعًا من العقاب الجماعي والانتقام العشوائي، الأمر الذي يزيد معاناتهم ويطرح تساؤلات جدية حول مدى فاعلية هذه العمليات في تحقيق الأمن والاستقرار المطلوبين في الصومال.