> "الأيام" غرفة الأخبار:

  • إيران تقرر استخدام اليمن كجبهة متقدمة في صدام دولي مرتقب
  • صنعاء تقترب من الحصول على صواريخ متطورة عابرة للقارات
> في ظل تزايد وتيرة المواجهات بين إيران والغرب، تدخل علاقة صنعاء وطهران اليوم مرحلة متقدمة من تهديد المجتمع الإقليمي والدولي على حدا سواء، وذلك بعد إعطاء المرشد الإيراني الأعلى الضوء الأخضر لـ «الحرس الثوري» لبدء تطوير جيل جديد من الصواريخ البالستية طويلة المدى، قادرة على ضرب أهداف تبعد 4000 كيلومتر وتزويد الحوثيين بها.

وبحسب تقرير نشره أمس موقع "الحل نت" فان هذه الخطوة من قبل إيران تستهدف توسيع دائرة المواجهة لتشمل قلب القارة الأوروبية، إضافة إلى قواعد عسكرية أميركية تتمركز في مناطق كانت سابقاً خارج دائرة التهديد الإيراني المباشر.

ويأتي هذا التحرك الإيراني في توقيت بالغ الحساسية، إذ عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في قاعدة دييغو غارسيا الاستراتيجية الواقعة في المحيط الهندي، على مسافة بعيدة من مدى الصواريخ الإيرانية التقليدية، بهدف التحضير لأي سيناريوهات محتملة في مواجهة إيران أو حلفائها في اليمن، وتحديداً جماعة «الحوثي»، التي زادت خلال الأشهر الأخيرة من حدة التصعيد في باب المندب والبحر الأحمر.

هذه المعلومات تضعنا أمام عدة تساؤلات أبرزها: ماذا تعني هذا التهديدات لأوروبا، وأيضا كيف ستضع إيران اليمن أما حرب مع الدول الكبرى، وكيف سيعود ذلك بالدمار على الشعبين الإيراني واليمني؟.

القرار الإيراني الجديد بتطوير صواريخ بعيدة المدى يحمل في طياته دلالات تتجاوز استعراض القوة، إذ يهدف إلى توجيه رسائل تحذيرية إلى أوروبا التي لطالما حافظت على موقف وسطي تجاه الملف النووي الإيراني. وهكذا تصبح القارة الأوروبية في مرمى الصواريخ الإيرانية، ما يعني تغيير قواعد اللعبة، ودفع الأوروبيين لإعادة النظر في حساباتهم السياسية والعسكرية تجاه إيران. وهو ما يعزز احتمالات نشوء اصطفاف أوروبي أوضح إلى جانب واشنطن، بعدما كانت أوروبا تسعى سابقاً للتهدئة وتجنب الانجرار نحو الصدام المباشر مع طهران.

هذا التطور، وفق الدبلوماسي والباحث السياسي، عبد السلام محمد، لا يضع أوروبا أمام خيارات سهلة، خاصة في ظل أزمات اقتصادية وسياسية متتالية تضرب دول الاتحاد الأوروبي. فأوروبا التي تعتمد إلى حد كبير على مصادر الطاقة القادمة من الخليج، سترى نفسها خلال الفترة القادمة – إذا ما دخلت هذه الصواريخ الخدمة العسكرية – مضطرة لتأمين خطوط إمداد الطاقة البحرية من الخليج العربي مروراً بباب المندب وقناة السويس، وهي خطوط مهددة بشكل جدي من «الحوثيين» الذين باتوا أكثر جرأة في استهداف الممرات الدولية والسفن التجارية، بتشجيع مباشر من إيران.

من الناحية العسكرية والاستراتيجية، فإن امتلاك إيران لصواريخ بمدى 4000 كيلومتر يعني إمكانية استهدافها لجميع القواعد العسكرية الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك قواعد «الناتو» المنتشرة في جنوب وشرق أوروبا. هذا الأمر لا يمكن لأوروبا أو أميركا التساهل معه، إذ سيغير الحسابات الدفاعية والاستراتيجية لدول «الناتو»، ويجبر الحلف على اتخاذ إجراءات احترازية جديدة من ضمنها تعزيز القدرات الدفاعية الجوية وإعادة الانتشار العسكري بشكل عاجل على المستوى الأوروبي، إلى جانب تكثيف التعاون الاستخباري مع حلفائهم في الشرق الأوسط.

لكن ما يعقد المشهد الدولي الحالي هو استخدام إيران لليمن كجبهة متقدمة في هذا التصعيد. إذ عملت إيران في السنوات الأخيرة على تزويد «الحوثيين» بصواريخ متوسطة المدى وطائرات مسيّرة متطورة، وهي الآن بصدد استخدام هذه الجبهة كأداة ضغط مباشر على أوروبا والولايات المتحدة، من خلال استهداف الملاحة البحرية ومضايقة حركة التجارة الدولية، وربما ضرب المصالح الغربية بشكل أوسع إذا ما اندلعت مواجهة عسكرية مباشرة.

اليمن اليوم يقف أمام لحظة تاريخية فاصلة قد تجره رغماً عنه إلى حرب مدمرة، ليس فقط بين «الحوثيين» والتحالف العربي، بل بين إيران والقوى الكبرى التي تجد نفسها مضطرة للتحرك من أجل حماية مصالحها وأمن الملاحة الدولية.

ومع انعدام إمكانية السيطرة الكاملة على «الحوثيين» من قبل إيران، فقد يصبح اليمن منصة لانطلاق عمليات لا يمكن السيطرة على نطاقها، ما يفتح الباب أمام حرب إقليمية واسعة قد تمتد نيرانها إلى القرن الإفريقي ومنطقة الخليج العربي، وتجر معها الأطراف الدولية نحو حرب مكلفة وطويلة الأمد.

كل هذه المعطيات تشير إلى أن قرار إيران بتطوير صواريخ بالستية تصل إلى عمق أوروبا ليس مجرد تصعيد تكتيكي أو مناورة سياسية، بل هو خطوة قد تدفع المنطقة والعالم نحو مرحلة جديدة من المواجهة المباشرة، وتفتح الباب أمام سيناريوهات كارثية، يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب الإيراني والشعوب التي تجد نفسها في قلب هذا الصراع الدولي المحتدم وهنا الحديث يوجه لليمنيين بشكل خاص. فيما ستواجه أوروبا والولايات المتحدة خيارات صعبة للغاية بين التصعيد العسكري، أو محاولة التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع إيران تبدو اليوم بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.