التحليل السياسي الرصين هو تفكيك الواقع كما هو، لا كما نتمنى، بعقل بارد ولسان دقيق بناءً على معلومات تاريخية، سياسية واقتصادية وأحداث مترابطة ببعضها.
في زمن البث المباشر والدردشة الحيّة، لم يعد التحليل السياسي والعسكري والاقتصادي مهمة النخبة، بل صار أقرب إلى فقرة ترفيهية بين الإعلانات، حيث تلتقي الرغبة في الحديث مع غياب أي التزام بالمعرفة أو المصداقية.
افتح أي قناة فضائية عربية أو دولية، ستقع عيناك لا محالة على محلل استراتيجي يحمل لقبًا طويلًا يكاد يحتاج إلى سطرين ليُعرّف به. تجده يبدأ الجملة بـ"من وجهة نظري الشخصية..." وينهيها بـ"كما هو واضح لكل ذي عقل"، وبينهما خليط عجيب من الأماني، والحنين، والانفعالات، وبعض المصطلحات المستعارة من أرشيف الحرب الباردة.
أما المذيع أو المذيعة فقد تراه أكثر حماسة من الضيف، يبتسم حين ينبغي الحذر، ويقاطع حين يجب الاستماع، ويحلل حين يُفترض أن يطرح الأسئلة، وكأنه نسي أن وظيفته ليست خطبة حماسية بل إدارة نقاش!
الطامة الكبرى أن الضيوف أنفسهم ولا نعمم طبعًا أصبحوا يتنافسون في منسوب الانفعال لا في دقة المعلومة. البعض يُفرغ ما في صدره من مواقف وأمنيات على شكل تحليل، وكأن الشاشة تحوّلت إلى منبر في ندوة أو مؤتمر سياسي لا برنامج حواري.
نعم، أصبح التحليل عند البعض أشبه بخطاب جماهيري وسط مظاهرة جماهيرية على رصيف ميدان، مع فارق واحد فقط هي الظهور بالبدلة الرسمية وربطة العنق.
ووسط كل هذا، يغيب المشاهد المسكين، الباحث عن فهم لما يجري، ليجد نفسه أمام عرض صوتي بصري أقرب إلى السيرك التحليلي، حيث المواقف المعلبة، والتهويل المجاني، والخلط المذهل بين الرغبة والواقع.
نحن لا نعاني من قلة التحليل، بل من كثرة التحلُّل من المسؤولية المهنية.
في زمن البث المباشر والدردشة الحيّة، لم يعد التحليل السياسي والعسكري والاقتصادي مهمة النخبة، بل صار أقرب إلى فقرة ترفيهية بين الإعلانات، حيث تلتقي الرغبة في الحديث مع غياب أي التزام بالمعرفة أو المصداقية.
افتح أي قناة فضائية عربية أو دولية، ستقع عيناك لا محالة على محلل استراتيجي يحمل لقبًا طويلًا يكاد يحتاج إلى سطرين ليُعرّف به. تجده يبدأ الجملة بـ"من وجهة نظري الشخصية..." وينهيها بـ"كما هو واضح لكل ذي عقل"، وبينهما خليط عجيب من الأماني، والحنين، والانفعالات، وبعض المصطلحات المستعارة من أرشيف الحرب الباردة.
أما المذيع أو المذيعة فقد تراه أكثر حماسة من الضيف، يبتسم حين ينبغي الحذر، ويقاطع حين يجب الاستماع، ويحلل حين يُفترض أن يطرح الأسئلة، وكأنه نسي أن وظيفته ليست خطبة حماسية بل إدارة نقاش!
الطامة الكبرى أن الضيوف أنفسهم ولا نعمم طبعًا أصبحوا يتنافسون في منسوب الانفعال لا في دقة المعلومة. البعض يُفرغ ما في صدره من مواقف وأمنيات على شكل تحليل، وكأن الشاشة تحوّلت إلى منبر في ندوة أو مؤتمر سياسي لا برنامج حواري.
نعم، أصبح التحليل عند البعض أشبه بخطاب جماهيري وسط مظاهرة جماهيرية على رصيف ميدان، مع فارق واحد فقط هي الظهور بالبدلة الرسمية وربطة العنق.
ووسط كل هذا، يغيب المشاهد المسكين، الباحث عن فهم لما يجري، ليجد نفسه أمام عرض صوتي بصري أقرب إلى السيرك التحليلي، حيث المواقف المعلبة، والتهويل المجاني، والخلط المذهل بين الرغبة والواقع.
نحن لا نعاني من قلة التحليل، بل من كثرة التحلُّل من المسؤولية المهنية.