أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:38 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • جائحة سعر الصرف في عدن

    د. يوسف سعيد أحمد




    استخدم هنا عدن لأنها العاصمة والأكثر تأثيرًا أو تأثرًا. فيما عنوان هذه المقالة ليس تشبيها بلاغيًا استخدمناه للإثارة ولكنه تعبير حقيقي وصادق عما يحدث فلا فرق بين جائحة كورونا وجائحة سعر الصرف بالنظر إلى المألات والآثار وسرعة التغير؛ وفي كل الحالتين الإنسان هو المستهدف وهو الضحية.

    بالمناسبة الدولار الأمريكي في هذه الأيام مرتفع القيمة عالميًّا نتيجة قوة الاقتصاد الأمريكي حيث شهدت عملات الدول الآسيوية (اليابان 'كوريا' الصين والهند) انخفاضًا كبيرًا وحتى اليورو أمام الدولار المتجبر. لكن قوة الدولار لن تستمر طويلًا حيث سيعمل الفيدرالي الأمريكي إلى كبح جموحه أخذًا بعين الاعتبار الآثار لناحية ارتفاع الأسعار النسبية للصادرات الأمريكية وهو الأمر قد يؤدي إلى ضعف القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية في الخارج إذا ما استمر.

    غير أن ما يحدث في بلادنا من ارتفاع لقيمة الدولار أمام العملة الوطنية لا علاقة له بارتفاع الدولار عالميًّا والسبب بسيط وهو أننا اقتصاد معزول عن العالم ولذلك فإن الأسباب لها طبيعة محلية محضة.

    في بلادنا نحن ليس أمام سعر مشتق استخدمنا عملة ثالثة لمعرفة الملائمة لأن ما يحدث من مبادلات تتم مع الدولار ليس لأنه العملة الرئيسية للاحتياطي النقدي الدولي فحسب؛ بل لأنه يعتبر أيضًا عملة الأساس في معظم معاملات الصرف الأجنبي.

    اليوم وصل سعر الصرف في عدن مستوى قياسي وتاريخي حيث بيع الدولار الأمريكي الواحد بـ2084 ريالًا يمنيًّا. لكن التدهور يحدث يوميًا فكل يوم يفقد الريال ما بين 10 إلى 20 ريالًا أمام الدولار مع أنه لا توجد في بلادنا أسواق مالية ثانوية يمكن أن تحدث مع هذا التغير في سعر الصرف في عمليات التداول اليومية.

    هذا التغير العجيب والغريب لسعر الصرف ليس هو نتاج معاملات ومبادلات عادية وطبيعية اذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة الاقتصاد اليمني وحجمة ولكنه مخرج ونتاج المضاربات المنفلتة والمستمرة في سعر الصرف.

    خلال الأيام الأخيرة قامت الحكومة بصرف راتبي شهرين دفعة واحدة وبقيمة قد تصل إلى أكثر من 170 مليار ريال لموظفيها المدنيين والعسكريين ولوكان البنك المركزي قام بإنزال هذه الكمية من النقود من مخزونه أو نتاج إصدار على المكشوف لقلنا أن التدهور المريع والمستمر خلال هذه الأيام للعملة الوطنية هو نتاج لزيادة حجم السيولة في السوق وبالتالي نعزي ذلك إلى هذا الأثر ولكن البنك المركزي ومنذ أشهر يقوم بتكليف البنوك بصرف الرواتب بالعملة المحلية مقابل تحويل قيمتها لهم بالعملة الأجنبية إلى حساباتهم في الخارج.هذا يعني أن الصرف تم من نفس السيولة الموجودة في السوق لدى البنوك وشركات الصرافة وبالتالي هنا تنعدم الآثار السلبية عندما يتعلق الأمر بسعر الصرف.

    نعم ما يجري نشره من بيانات وأخبار عن حجم ومستوى الفساد التي طال قطاعات ومسؤولين في الدولة وفقدان الأمل واليقين بشأن المستقبل يترك أثرًا سلبيًّا.

    لكن في كل الأحوال هناك تغذية مستمرة للسوق اليمني والجهاز المصرفي من العملات الأجنبية من خلال تحويلات المغتربين ورواتب القوات في مناطق الشرعية التي تصرف رواتبها بتحويلات خارجية بالريال السعودي وهذه تصل قيمتها شهريًّا إلى مليارات الريالات السعودية عدا عن تحويلات المنظمات الدولية وبالتالي هذا المعادل المالي يعوض كثيرًا الطلب على الدولار بغرض الاستيراد حتى مع بقاء توقف صادرات النفط والغاز تقريبًا مرة أخرى أقول تقريبا.

    إن ما يجري من انهيار مستمر في قيمة العملة الوطنية سيؤدي في النهاية إلى فقدان النقود لوظائفها تمامًا وبالتالي إخراجها من التداول ستعود بناء إلى حقبة المقايضة. وفي المحصلة إذا ما استمر هذا الوضع الجائحي فإن الجوع وسوء التغذية الحقيقي الذي يواجه المواطنين الآن سيتعاظم غدًا لدى مختلف السكان وبشكل مريع وأنا هنا أحذر وعلينا دق ناقوس الخطر.

    وفي المقدمة موظفي الدولة ذوي الدخول المحدودة بكل فئاتهم.

    للأسف يحدث هذا في ظل صمت مريب ومطبق من قبل كل الجهات المسؤولة وغياب التطمينات الخارجية وبالذات من الأشقاء الداعمين لليمن.

    أمام هذا الوضع على الحكومة والبنك المركزي استئناف إجراءاتهم وعملياتهم في توقيف وضبط المضاربين وتفعيل دور القانون والقضاء عدا عن السماح للنقابات والاتحادات بمواصلة التظاهرة دون ترهيب بما في ذلك التظاهر أمام مقرات التحالف مع تفعيل دور وسائل الإعلام في نقل الأخبار ليصل للعالم وقبل كل ذلك إلى الأشقاء انطلاقًا من مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه دعم البلد اقتصاديًّا وماليًّا بما في ذلك دعم مدخلات محطات الكهرباء بالمشتقات النفطية إلى أن يحل السلام والأمن والاستقرار.

المزيد من مقالات (د. يوسف سعيد أحمد)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال