أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 02:00 م بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • في الذكرى الخامسة لإعلان الإدارة الذاتية لمحافظات الجنوب.. الاتجاه نحو المستقبل

    سياسي




    نستذكر اليوم وفي هذا الشهر أبريل 2025م ببالغ الفخر وعظيم الاعتزاز الذكرى السنوية الخامسة لإعلان الإدارة الذاتية للجنوب التي تم الإعلان عنها في 25 أبريل 2020م من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي.

    ذكرى تحمل في طياتها رمزية بوصفها خطوة في طريق التحرر والانعتاق لشعب الجنوب. لاسيما أن هذه الذكرى تحل علينا وشعبنا الجنوبي يعاني الأمرّين؛ من حصار خدماتي تشترك فيه أطراف لا تريد له الخير، وانسدادًا للأفق السياسي الذي يحقق تطلعاته المشروعة. وإضافة إلى ذلك، مشاريع مشبوهة تحاول إضعاف الهدف النهائي للجنوبيين.

    لم تكن خطوة إعلان الإدارة الذاتية، قفزة في الهواء، ولا مناورة سياسية، بل كانت طريقًا نحو بناء دولة الجنوب القوية المتماسكة، فإعلان الإدارة الذاتية كان محطة مهمة على درب كفاح شعبنا من أجل استرجاع حقوقه الوطنية المشروعة وتأكيداً على المضي قدمًا على درب شهداء قضية الجنوب المخلصين وعلى رأسهم شهيد الجنوب أبواليمامة وغيره من الشهداء الذين قدموا أرواحهم منذ بدء اندلاع ثورة الجنوب في المكلا حاضرة حضرموت وعاصمة ثورة الجنوب في 1996، حين ارتقى في المكلا أول شهداء ثورة الجنوب الشهيدين أحمد ﺑﺎﺭﺟﺎﺵ ﻭفرج ﺑﻦ ﻫﻤﺎﻡ (رحمهما الله)، فأبناء حضرموت قد عمدوا بالدم مساهمتهم في مشروع استعادة دولة الجنوب. رحم الله جميع الشهداء والشفاء للجرحى الذين ما زالت معاناتهم مستمرة، وهم الشهداء الأحياء على تضحيات أبناء الجنوب طوال هذه السنوات.

    لقد كان إعلان الإدارة الذاتية للجنوب، ردًّا على سياسات حكومة الرئيس هادي (في ذلك الوقت) المركزية والإقصائية والرافضة لكل مطالب شعب الجنوب في كافّة المجالات الحياتية. وبعد أن توقفت الحرب عمليًّا بعد اتفاق ستوكهولم، قررت بعض القوى في "الشرعية" أن تجعل من الجنوب مقرًّا ومستقرًا لاستمرار ممارساتها النهبوية لخيرات الجنوب، وفقًا لأجنداتها ومصالحها النخبوية، وأدخلت المجاميع الإرهابية من كل حدب وصوب الأمر الذي أدى إلى انحراف الحرب عن مسارها وأهدافها، وتحول الصراع نحو الجنوب، وعلى حساب شعب الجنوب.

    واستشعارًا لكل هذه المخاطر، تولدت الفكرة، بأهمية وضرورة أن نواجه هذه التحديات بالإعداد المسبق للإدارة الذاتية، وتم التشاور مع العديد من الكوادر العلمية لأبناء الجنوب، حول أهمية التوصل لمشروع يكون خطوة منطقية وواقعية في طريق التوصل إلى تسوية سياسية نهائية حول وضع الجنوب في المستقبل. ومن هنا جاء مشروع تأسيس الإدارة الذاتية من ابن الجنوب وابن حضرموت الدكتور باسل باوزير الذي يُعد وبحق الباعث لهذا المشروع، بعد أن أطّر له سياسيًّا وقانونيًّا ساعده في إنجاز ذلك، خبرته بوصفه خبيرًا دستوريًّا ساهم في العديد من التجارب المشابهة، حيث كانت تلك التجارب في هذا المجال مُهمة ومُلهمة لنا في ذات الوقت، وتم إيفاده بمبادرة خاصة لدراسة التجارب المشابهة ونقلها والاستفادة منها ضمن موجهات زودناه بها، أهمها أن لا تؤدي خطوة إعلان الإدارة الذاتية إلى الإخلال بالمركز السياسي للوضع القائم في البلاد، وبما لا يُخل بالشراكة مع التحالف العربي. وتضمن المشروع الآتي:
    • الأسباب والمبررات الموجبة لإنشاء الإدارة الذاتية للجنوب.
    • أسانيد اتخاذ قرار إعلان الإدارة الذاتية للجنوب.
    • الخطوات التنفيذية لإعلان الإدارة الذاتية.
    (وبذلك، فإن حضرموت كما عمدت دورها في الثورة الجنوبية بالدم. أرست عبر أبنائها المخلصين مداميك الخطوات السياسية المتزنة، والهادفة لمستقبل جنوبي آمن).

    وحظي المشروع بالدراسة الكافية، داخل أروقة المجلس الانتقالي الجنوبي، وتم التعديل عليه بما يتناسب مع العديد من المستجدات في الساحة الجنوبية. حتى جاءت اللحظة التاريخية والمناسبة لإعلان الإدارة الذاتية في 25 أبريل 2020 بعد تزايد حجم المؤامرات والدسائس التي استهدفت قضية الجنوب والنسيج الاجتماعي الجنوبي، بهدف زيادة معاناة وأوجاع شعبنا وعلى مختلف الجبهات والمستويات.

    وفي ظل استمرار صلف وتعنت الحكومة في عدم القيام بواجباتها، وتسخير موارد وممتلكات شعب الجنوب في تمويل أنشطة الفساد وتحويلها إلى حسابات الفاسدين في الخارج، بالإضافة إلى تلكؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض. فجاء قرار إعلان الإدارة الذاتية مبنيًّا على حوامل سياسية ومجتمعية، واضعًا نصب عينيه الحل الشامل والكامل لكافّة القضايا العالقة في الجنوب، وفق مبدأ العيش المشترك والتنوع الثقافي والمستند على فكرة التصالح والتسامح، واعتمادًا على إرادة الجنوبيين في إدارة ذاتية لمناطقهم وتحقيق مطالبهم واحتياجاتهم مع الحفاظ على الوضع السياسي للجغرافيا اليمنية حتى التوصل لحل نهائي لقضية الجنوب عند انتهاء النزاع في اليمن.

    لذلك، حرص المشروع أن يكون المُسمى هو "إدارة ذاتية" وليس "حكمًا ذاتيًّا"، انطلاقًا من أن الحكم الذاتي هو حالة دستورية يجب التوافق عليها، قبل إعلانها. هذا من جهة، ومن أجل عدم الإخلال بالمركز السياسي والقانوني للبلاد من جهة أخرى.

    ورغم التحديّات والصعوبات الداخلية والخارجية، التي واجهها إعلان الإدارة الذاتية إلّا أنّ أبناء الجنوب توافقوا والتفوا حول الإعلان عن الإدارة الذاتية، التي كانت بمثابة الركيزة والانطلاقة الأولى لقطار استعادة دولة الجنوب، كمشروع حل لما تعانيه اليمن من أزمة مركّبة ومتلازمة منذ 1990.

    وزاد من الزخم، الالتفاف الشعبي لأبناء الجنوب حوّل قيادة المجلس الانتقالي للإدارة الذاتية، الذي حقق العديد من الإنجازات خلال المدة القصيرة التي بقيت فيها الإدارة الذاتية، وخطا بها خطوات للأمام، مُحققًا مكتسبات لكل أبناء الجنوب، وذلك قبل قرار "التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية" في 28 يوليو 2020، الذي كنا نرى وآخرون معنا من أبناء الجنوب أنه كان يجب أن يكون "تعليقًا مشروطًا" وليس "تخليًّا".

    وحيث إن الظروف اليوم التي نعيشها في الجنوب هي أسوأ بمراحل من الظروف التي أدت إلى إعلان الإدارة الذاتية في أبريل 2020. فالأزمة اليمنية ما زالت تراوح مكانها دون وجود حل يلوح في الأفق، الأمر الذي أدى إلى زيادة معاناة شعب الجنوب، من تردي في الواقع الخدمي وانهيار كامل للعملة المحلية، ناهيكم عن عودة نشاط التنظيمات الإرهابية في بعض جغرافيا الجنوب مدعومة من القوى "إياها". لذلك، فإن مشروع الإدارة الذاتية أصبح مُلحًا أكثر من أي وقت مضى، بوصفه مشروعًا يُحقق آمال جميع الجنوبيين في المرحلة الحالية، بما في ذلك، مطالب أبناء محافظة حضرموت الداعية لإدارة المحافظة من قبل أبنائها، ونواة تُرسم حولها ملامح المستقبل، ونموذجًا للحل السياسي لجميع الأزمات البنيوية في اليمن، وعلى رأسها مسألة السلطة والثروة. حيث لا تزال جميع الحلول المطروحة اليوم بعيدة كل البعد عن آمال وحاجة شعب الجنوب، في ظل سعي كل الأطراف نحو طرح ما يمكنها من خلاله الاستحواذ على ثروات الجنوب دون أي اكتراث بحاجة الجنوبيين ومستقبل أبنائهم.

    إن مشروع الإدارة الذاتية للجنوب ما زال الأساس الذي يمكن من خلاله تحقيق تطلعات شعب الجنوب، كذلك هو مشروع نوعي لوحدة مكونات شعبنا الجنوبي والتقائهم على الهوية والمستقبل المشترك، ومن خلال هذا المشروع سيجد ابن عدن وابن لحج وابن أبين وابن الضالع وابن شبوة وابن حضرموت، وابن المهرة، وابن سقطرى أنهم جميعًا شركاء في الحكم وأسيادًا على أرضهم.

    في هذه الذكرى المباركة، نؤكد على إن التعويل على إفشال مشروعنا الجنوبي من أي طرف كان هو توجه خاطئ، حيث نعتبر اليوم قوة فاعلة، وأساس هذه القوة هو تبنينا للحقيقة المطلقة التي تعبر عنها قضية الجنوب.

    ومن هنا فإننا ندعو كل الذين لا يزالون يحاولون عبثًا حجب الشمس بالغربال ويتجاهلون واقع تطلعات شعب الجنوب العودة للعقل والعمل على رؤية الواقع كما هو.

المزيد من مقالات (سياسي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال