السبت, 10 مايو 2025
89
بينما تتصاعد التحديات وتتعقد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، تظهر المرأة كرمز للثبات والصمود، وتثبت يومًا بعد يوم أنها ليست فقط نصف المجتمع، بل وعموده الفقري ودرعه الحصين في مواجهة الأزمات.
ستخرج نساء عدن البطلات إلى الشوارع في مظاهرة سلمية للمطالبة بالخدمات الأساسية ومعالجة الأزمات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للشعب في مشهد يعكس روح الوطنية والتضحية التي تميز المرأة العدنية، التي قررت أن تكون صوت الحق والعدالة رغم كل الصعاب.
لكن، من المؤسف أن نرى الرجال القوامين على المرأة يتوارون عن المشهد، ويختبئون خلف جدران الصمت والخوف، ويتركون المرأة تخوض المعركة نيابة عنهم على نحو لا يعتبر فقط تقصيرًا في الواجب الوطني، بل هو خيانة لروح المسؤولية والرجولة الحقة. فهل يعقل أن تكون المرأة هي من تتقدم الصفوف وتواجه المخاطر من أجل حقوقها وحقوق أسرتها ومجتمعها، بينما يقف الرجل في الخلفية يراقب ويكتفي بالدعاء أو الانتظار حتى تنجح المرأة في تحقيق مطالب الرجل؟
إنه موقف يندى له الجبين ويكشف عن ضعف وانعدام حس المسؤولية لدى الرجال الذين يفضلون التخاذل على المواجهة. فالمرأة التي تخرج إلى الساحات هذه المرة لا تطالب بحقوقها الشخصية، بل هي تناضل من أجل مستقبل أفضل لوطنها ولأبنائها وللرجل عموما. فهي تدفع الثمن أحياناً من راحتها وأمانها، لتقوم بدور الرجل.
أليس من العيب أن نرى النساء الرقيقات الضعيفات وهن يحملن لواء النضال نيابة عن الرجل؟ أم أن الرجولة الحقة تقتضي الوقوف بجانبهن ودعمهن بدل التخاذل والاختباء؟ إن الرجال الذين يختبئون وراء حيطان المنازل ويتركون النساء وحدهن في ميدان الكفاح عليهم أن يخجلوا من أنفسهم. فهذه ليست معركة المرأة وحدها؛ إنها معركة الوطن بأسره إن لم تكن معركة الرجل وحده.
وفي النهاية، فإن التاريخ لن يرحم أولئك الذين يتخلون عن مسؤولياتهم ويتركون النساء وحدهن يخضن المعارك نيابة عن الجميع.
فليعلم كل رجل مسؤول أن الرجولة ليست مجرد كلمة أو أدوار تُمارس في البيوت؛ بل هي أفعال شجاعة ووقفة أمام التحديات.
وعلى الرجال أن يستيقظوا من سباتهم ويخجلوا من أنفسهم وهم يتركون المرأة تخوض معركتهم دونهم.
فلنقف جميعاً صفاً واحداً، رجالا ونساءً، لنصنع مستقبلاً يعكس قيم التضحية والشجاعة والمسؤولية الحقيقية، فالمرأة اليوم تثبت أنها قادرة على حمل الراية حين يتخلى عنها الآخرون؛ فهل سنكون نحن على قدر هذه المسؤولية؟